موسوعة التفسير

سُورَةُ آل عِمْرانَ
الآيات (169-171)

ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ

غريبُ الكَلِمات:

يَسْتَبْشِرُونَ: يفرَحون، أو يَنالون البُشرى، والاستبشارُ: السُّرورُ بالبِشارة، وأصلُ الاستبشارِ: ظُهورُ الشَّيءِ مع حُسْنٍ وجمالٍ يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 505)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/251)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 132). .

المَعنَى الإجماليُّ:

يَنهى اللهُ نبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الظَّنِّ بأنَّ مَن قُتِل مِن أصحابِه يوم أُحُدٍ، وهم كُثُرٌ، أنَّهم ميِّتون لا يَشعُرون، بل هم أحياءٌ حياةً خاصَّةً عند الله عزَّ وجلَّ، قَريبون منه، يَتنعَّمون في دارِ كرامتِه مِن رِزقِه الواسعِ، مَسرورين بما أعطاهم اللهُ تعالى ممَّا تفضَّلَ به عليهم من النَّعيمِ العظيمِ، فَرِحين بإخوانِهم الَّذين ما زالوا أحياءً يُقاتِلون في سبيل الله بأنَّهم إذا استُشهِدوا سيَلحَقون بهم دون أن يُصيبَهم خوفٌ ولا حُزْنٌ، فَرِحين أيضًا بما أكرَمهم اللهُ تعالى به من النَّعيمِ، والفضلِ العَميمِ، واللهُ لا يُضِيعُ أجرَ المؤمنين.

تفسير الآيات:

وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169).
سببُ النُّزول:
عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: قَالَ رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((لَمَّا أُصيبَ إخوانُكم بِأُحُدٍ، جَعَل اللهُ أرواحَهم في أجوافِ طيرٍ خُضرٍ، ترِدُ أنهارَ الجنَّة، وتأكُلُ مِن ثمارِها، وتَأوي إلى قَناديلَ مِن ذهبٍ معلَّقٍة في ظلِّ العرشِ، فلمَّا وجَدوا طِيبَ مأكلِهم ومَشرَبِهم وَمَقيلِهم مقيلهم: أي مأواهم ومستقرهم. ينظر: ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (7/140). ، قالوا: مَن يُبلِّغُ إخوانَنا عنَّا أنَّا في الجنَّةِ نُرزَقُ؛ لئلَّا يَزهَدوا في الجِهَاد، ولا يَنكُلوا في الحربِ؟ فقال اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا أُبلِّغُهم عنكم، فأَنزَلَ اللهُ تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)) أخرجه أبو داود (2520)، وأحمد (2388)، و أصلُه في مسلم (1887). حسَّنه ابنُ القطَّان في ((الوهم والإيهام)) (4/338)، وصحَّحه ابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (17/403)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (4/123)، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2520). .
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا
القِراءاتُ ذاتُ الأثرِ في التَّفسير:
في قوله تعالى: قُتِلُوَا قِراءتان:
1- قُتِّلُوا -بالتَّشديد- وتعني التَّكثيرَ، أي: قُتِل كثيرٌ منهم قرأ بها ابنُ عامر. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (2/243). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((معاني القراءات)) للأزهري (1/280)، ((الكشف)) لمكي (1/364). .
2- قُتِلُوا-بالتَّخفيف- وتحتملُ التَّقليلَ والتَّكثيرَ، أي: تَعني قُتِل قليلٌ منهم، أو قُتِل كثيرون قرأ بها الباقون. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (2/243). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((معاني القراءات)) للأزهري (1/280)، ((الكشف)) لمكي (1/364). .
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا
أي: لا تظُنَّنَّ- يا محمَّدُ- أنَّ الشُّهداءَ الَّذين قُتِلوا في جِهادِ أعداء الدِّين- كأصحابِك الَّذين قُتِلوا في أُحُدٍ- أمواتًا لا يَشعرون بشيءٍ، ولا يتمتَّعون ويتنعَّمون يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/227)، ((تفسير ابن كثير)) (2/161)، ((تفسير السعدي)) (ص: 156). .
بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
أي: هُمْ على خِلافِ ذلك؛ فهم أحياءٌ حياةً خاصَّةً عند الله عزَّ وجلَّ في دارِ كرامتِه، وبالقُربِ منه سبحانه، مُتنعِّمين في رِزقِ الله تعالى الواسِعِ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/227-228)، ((تفسير ابن كثير)) (2/161)، ((تفسير السعدي)) (ص: 157)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/436-437). .
عن مَسروقِ بنِ الأجدَعِ قال: ((سَأَلْنا عبدَ اللهِ (هو ابنُ مسعودٍ) عن هذه الآيةِ: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ قال: أمَا إنَّا سأَلْنا عن ذلك، فقال: أرواحُهم في جَوفِ طيرٍ خُضْرٍ، لها قناديلُ مُعلَّقةٌ بالعرشِ، تَسرَحُ من الجنَّةِ حيث شاءَتْ، ثمَّ تَأوي إلى تلك القناديلِ، فاطَّلَع إليهم ربُّهم اطِّلاعةً، فقال: هل تشتَهون شيئًا؟ قالوا: أيَّ شيءٍ نَشتهي ونحن نَسرَحُ من الجنَّةِ حيثُ شِئْنا؟ ففعَل ذلك بهم ثلاثَ مراتٍ، فلمَّا رأَوْا أنَّهم لن يُترَكوا مِن أن يُسأَلوا، قالوا: يا ربِّ، نُريدُ أن ترُدَّ أرواحَنا في أجسادِنا حتَّى نُقتَلَ في سَبيلِك مرةً أخرى، فلمَّا رأى أنْ ليسَ لهم حاجةٌ تُرِكوا )) رواه مسلم (1887). .
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
أي: إنَّ هؤلاءِ الشُّهداءَ الَّذين قُتِلوا في سَبيلِ الله تعالى، وهم أحياءٌ عنده، مَسرورون بما منَحهم اللهُ تعالى إيَّاه، مِن النَّعيمِ المبهِجِ، والمُتعةِ العظيمةِ، جُودًا وكرَمًا منه سبحانه يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/165)، ((تفسير السعدي)) (ص: 157)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/437-438). .
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
أي: إنَّ هؤلاء الشُّهداءَ مَسرورون أيضًا بإخوانِهم الَّذين ما زالوا أحياءً في عالَم الدُّنيا يُجاهِدون في سبيلِ الله تعالى؛ فإنَّهم إذا استُشهِدوا لحِقوا بهم، دون أن يُصيبَهم خوفٌ من أيِّ أمرٍ مستقبلٍ، أو حُزنٍ على أيِّ أمرٍ قد مضى، بل هم آمِنون دائمًا، وفَرِحونَ أبدًا يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/236)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 243)، ((تفسير ابن عطية)) (1/541)، ((تفسير ابن كثير)) (2/165). .
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
أي: إنَّ الشُّهداءَ يَفرَحون بما حَبَاهم اللهُ تعالى مِن النَّعيمِ العَظيم، وبما أَسبَغَ عليهم مِن جزيلِ ثوابِه الكريمِ، وزِيادةِ إحسانِه العميمِ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/238)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/167). .
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
القِراءاتُ ذاتُ الأثرِ في التَّفسير:
في قوله تعالى: وَأَنَّ قِراءتان:
1- إنَّ بكسرِ الهمزةِ، فتكون الجملةُ مُستأنَفةً قرأَ بها الكِسَائِيُّ. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (2/244). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((معاني القراءات)) للأزهري (1/280، 281)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 181). .
2- أنَّ بفتحِ الهمزة على أنَّ جملة: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ معطوفةٌ على جملةِ: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ، وهذا يَعني أنَّ الشُّهداءَ يستبشرون أيضًا بأنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجرَ المؤمنينَ قرأ بها الباقون. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (2/244). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((معاني القراءات)) للأزهري (1/280، 281)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 181). .
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
أي: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد حَفِظ لأولئك الشُّهداءِ ما قدَّموه مِن الإيمانِ والأعمالِ الصَّالحةِ، وأعطاهم على ذلك أُجورَهم مِن فَضلِه سبحانه، وهكذا كلُّ مؤمنٍ؛ فإنَّ اللهَ تعالى لا يترُكُه، بل يُثيبُه على ما قدَّم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/238)، ((تفسير ابن عطية)) (1/541)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/167)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/439). .

الفوائد التربوية:

1- دُخولُ الجنَّةِ فَضلٌ مِن الله تعالى على أهلِها، لا بَعملِ أحدٍ، نستفيدُ ذلك من قوله تعالى: فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، ولو شاءَ تعالى لَحاسَبَهم على سبيل العَدلِ، ولو فعَلَ ذلك لم يكُنْ لهم شيءٌ؛ لأنَّ أعمالَهم مِن نِعَمِه تعالى عليهم يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/433)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (5/123،121). .
2- في قوله تعالى: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ، الحثُّ على فرَحِ الإنسانِ بصَلاحِ أحوالِ إخوانِه في اللهِ يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/431)، ((تفسير أبي حيان)) (3/342). .

الفوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِف:

1- في قوله تعالى وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ... الآيات، إثباتُ نعيمِ البرزخ يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 157). .
2- أنَّه يصحُّ نفيُ الشَّيءِ باعتبارٍ، لا نفيًا مطلقًا؛ لقوله: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا؛ فإنَّ نفيَ كونِهم أمواتًا هنا يُرادُ به الموتُ الَّذي حصَل فيه العدَمُ بلا فائدةٍ، وبدون ثوابٍ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/440). .
3- أنَّ هؤلاءِ الشُّهداءَ لهم شعورٌ؛ لقوله: فَرِحِينَ؛ لأنَّ الفرَحَ مِن الشُّعورِ النَّفسيِّ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/443). .
4- إسنادُ النِّعمةِ إلى مُسْدِيها، وهو اللهُ جلَّ جلالُه؛ فهم لا يرَوْن لأنفسِهم فضلًا، بل يرَوْن المِنَّةَ والفضلَ لله عليهم؛ ولهذا قال: بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/445). .
5- عِظَمُ النِّعمةِ الَّتي يُعطَوْنَها، ووجهُه أنَّ اللهَ أضافها إليه، وإضافةُ العطاءِ إلى اللهِ يدُلُّ على عظَمتِه. قال تعالى: بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/445). .
6- إثباتُ عدلِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك بعدمِ إضاعتِه أجرَ المؤمنين، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/445). .

بلاغة الآيات:

1- قال تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
- خُولِف الإعرابُ بين المتعاطفَينِ في الظاهرِ؛ حيث أَمْوَاتًا ورفَع أَحْيَاءٌ؛ للدَّلالةِ على أنَّ الموتَ أمرٌ طارئٌ يعقُبُه الهمودُ والاندثارُ، وعدمُ تجدُّدِ الذِّكرِ، أمَّا الرَّفعُ وجعْلُه جملةً اسميَّةً، فإنَّه أبلغُ في الدَّلالةِ على الدَّيمومةِ وطُروء الذِّكر وتجدُّدِه كلَّ يوم يُنظر: ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/108). .
- قوله: عِنْدَ رَبِّهِمْ: في التَّعرُّضِ لعنوان الرُّبوبيَّةِ المنبِئةِ عن التَّربيةِ والتَّبليغِ إلى الكمال مع الإضافةِ إلى ضميرِهم: مزيدُ تَكرمةٍ لهم يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/111). .
- قول الله تعالى: عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ قَدَّم صِفةَ الظَّرفِ رَبِّهِمْ على صِفةِ الجملة يُرْزَقُونَ؛ لأنَّ المعنى في الوصف بالزُّلفى عند اللهِ والقُربِ منه أشرفُ من الوصفِ بالرِّزقِ يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (2/329). .
- قوله: يُرْزَقُونَ: فيه تأكيدٌ لكونِهم أحياءً، ووصفٌ لحالهم الَّتي هم عليها من التَّنعُّمِ برزقِ الله يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (1/329- 330)، ((تفسير البيضاوي)) (2/38)، ((تفسير أبي السعود)) (2/111). .
2- قول الله تعالى: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ...: التعبيرُ بصِيغةِ المضارعِ؛ لإفادةِ التجدُّد للدَّلالة على تَجدُّد الاستبشارِ حينًا بعد حِينٍ يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/66). .
3- قوله: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ: كُرِّر الفِعلُ يَسْتَبْشِرُونَ؛ للتَّأكيدِ، ولبيانِ أنَّ الاستبشارَ المذكورَ ليس بمجرَّدِ عدمِ الخوفِ والحزنِ، بل به وبما يُقارِنُه من نعمةٍ عظيمةٍ لا يُقادَرُ قَدْرُها وهي ثوابُ أعمالِهم يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (1/329- 330)، ((تفسير البيضاوي)) (2/38)، ((تفسير أبي السعود)) (2/112)، ((تفسير ابن عاشور)) (3/167). .
وقيل: ليس هناك تَكرارٌ؛ لأنَّ الاستبشارَ هو الفرحُ التَّامُّ، فلعلَّ المرادَ حُصولُ الفرَحِ بما حصَل في الحالِ، وحُصولُ الاستبشار بما عرَفوا أنَّ النِّعمةَ العظيمةَ تحصُلُ لهم في الآخرةِ يُنظر: ((تفسير الرازي)) (9/320). .
- قول الله تعالى: بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ بالتَّنكيرِ دَلالةً على بعضٍ غيرِ مُعيَّنٍ، وإشارةً إلى إبهام المرادِ؛ تعظيمًا لأمرِه، وتنبيهًا على صعوبةِ إدراكِه، كما جاء: ((فيها ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَرَ على قلبِ بشَرٍ )) يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (2/323). .
4- قوله: أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ: فيه تأكيدٌ يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (2/322). ، والمرادُ بيانُ دوامِ انتفاءِ الخوفِ والحَزَنِ، لا بيان انتفاءِ دوامِهما، كما يُوهِمه كونُ الخَبرِ في الجملةِ الثَّانيةِ مُضارعًا؛ فإنَّ النَّفيَ وإن دخَل على نفس المضارعِ يُفيدُ الدَّوامَ والاستمرارَ بحسَب المقامِ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/112). .