موسوعة التفسير

سُورةُ يُوسُفَ
الآيات (102- 107)

ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ

غريب الكلمات:

غَاشِيَةٌ: أي: عُقوبةٌ تَغشاهم وتَشملُهم، وأصْلُ (غشي): يدلُّ على تغْطيةِ شيءٍ بشيءٍ [1163] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 223)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/425)، ((المفردات)) للراغب (ص: 607)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 249)، ((تاج العروس)) للزبيدي (39/167)، ((تفسير الألوسي)) (7/64). .
بَغْتَةً: أي: فجأَةً، وكلُّ ما جاءَ فجأةً فقد بَغَتَ، يقال: قد بَغَتَه الأمرُ يَبْغَتُه بغْتًا وبَغتةً، إذَا أتاه فجأةً، وأصْلُ (بغت): مُفاجأةُ الشَّيءِ مِن حيث لا يحتسِبُ [1164] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 153)، ((معاني القرآن)) للزجاج (2/241)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 120)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/272)، ((المفردات)) للراغب (ص: 135)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 252). .

المعنى الإجمالي :

يقولُ الله تعالى: ذلك الَّذي قصَصْناه عليك- يا مُحمَّدُ- مِن أمْرِ يوسُفَ وغيرِه هو مِن أخبارِ الغَيبِ، نُوحيه إليك، وما كنتَ حاضرًا مع إخوةِ يوسُفَ إذِ اتَّفقوا على إلْقاءِ يوسُفَ في الجُبِّ، وهم يَمكرون.
وما أكثَرُ النَّاسِ ولو حرصْتَ على هِدايتِهم- يا مُحمَّدُ- بمُؤمنِينَ بما جئْتَ به، وما تطلُبُ منهم مُقابِلَ دعوتِهم وتَبليغِ ما كُلِّفْتَ به أجرًا، إنَّ الَّذي أُرْسِلْتَ به مِن القُرآنِ ما هو إلَّا تذكِرَةٌ، وعِظَةٌ للعالَمين.
وكمْ مِن آيةٍ منتشِرَةٍ في السَّمواتِ والأرضِ دالَّةٍ على أنَّ اللَّهَ وحْدَه هو المُستحِقُّ للعِبادةِ، ومع ذلك يمُرُّ عليها النَّاسُ وهم مُعرِضون عنِ التَّفكُّرِ فيها، والاعتِبارِ بها، وما يُقِرُّ أكثرُهم بأنَّ اللَّهَ ربُّهم إلَّا وهم مُشرِكون به غيرَه في العِبادةِ. أفأمِنَ هؤلاءِ أنْ تأتِيَهم عُقوبةٌ مِن اللَّهِ تُحيطُ بهم؛ بسبَبِ شِرْكِهم، أو تأتِيَهم القيامةُ فجأَةً وهم لا يشْعُرون بمَجيئِها؟!

تفسير الآيات :

ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102).
ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ.
أي: ذلك الَّذي قَصَصْنا في هذه السُّورةِ- مِن خبَرِ يوسُفَ وغيرِه ممَّا غاب عنك عِلْمُه- نُوحيه إليك- يا مُحمَّدُ- وَنُعْلِمُكَ به؛ لنُثبِّتَ به فؤادَك، ولتَصبِرَ على ما أصابَكَ [1165] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/369، 370)، ((تفسير ابن كثير)) (4/417)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/60). .
وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ.
أي: وما كنتَ حاضرًا- يا مُحمَّدُ- عند إخوةِ يوسُفَ حين اتَّفقَتْ آراؤُهم، وصحَّتْ عَزائمُهم على إلْقاءِ يوسُفَ في الجُبِّ، والحالُ أنَّهم يَمكُرون به في هذا الفعْلِ، ويبْغونَ له الغَوائلَ [1166] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/370)، ((تفسير القرطبي)) (9/271)، ((تفسير ابن كثير)) (4/417)، ((تفسير الشوكاني)) (3/69)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/218). وقال ابنُ عاشورٍ: (ضمائرُ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ عائدةٌ إلى كلِّ مَن صدَرَ منه ذلك في هذه القِصَّةِ، مِن الرِّجالِ والنِّساءِ على طريقةِ التَّغليبِ؛ يشمَلُ إخوةَ يُوسفَ عليه السَّلامُ، والسَّيارةَ، وامرأةَ العزيزِ، ونِسوتَها). ((تفسير ابن عاشور)) (13/60). وقال الشِّنقيطيُّ: (لم يُبَيَّنْ هنا هذا الَّذي أجمعوا أمْرَهم عليه، ولم يُبَيَّنْ هنا أيضًا المُرادُ بمكْرِهم، ولكنَّه بُيِّنَ في أوَّلِ هذه السُّورةِ الكريمةِ أنَّ الَّذي أجمَعوا أمْرَهم عليه هو جعْلُه في غَيابةِ الجُبِّ، وأنَّ مكْرَهم هو ما فعَلوه بأبيهم يعقوبَ وأخيهم يُوسفَ، وذلك في قولِه: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ [يوسف: 15] إلى قوله: وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف: 18] ). ((أضواء البيان)) (2/218). ويُنظر: ((تفسير القاسمي)) (6/224، 225). .
وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103).
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
أنَّ هذا انتِقالٌ مِن سَوْقِ هذه القِصَّةِ إلى العِبرةِ بتَصميمِ المُشركين على التَّكذيبِ بعدَ هذه الدَّلائلِ البيِّنةِ [1167] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/61). .
وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103).
أي: وما أكثَرُ النَّاسِ [1168] قال الشَّوكانيُّ: (أي: وما أكثرُ النَّاسِ المُعاصرينَ لك- يا محمَّدُ- أو: ما أكثرُ النَّاسِ على العُمومِ، ولو حرَصْتَ على هِدايتِهم، وبالَغْتَ في ذلك، بمؤمنينَ باللَّهَ؛ لِتصميمِهم على الكُفْرِ الَّذي هو دِينُ آبائِهم). ((تفسير الشوكاني)) (3/70). - يا محمَّدُ- ولو حرصْتَ على هِدايتِهم بمُؤمنِينَ باللَّهِ، وبما جئْتَهم به مِن عِندِه سُبحانَه [1169] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/370)، ((تفسير الشوكاني)) (3/70)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406). .
كما قال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ الأنعام: 116.
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (104).
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ.
أي: وما تطلُبُ منهم- يا محمَّدُ- على تَذكيرِهم بالقُرآنِ، ونُصْحِهم، ودَعوتِهم إلى الإيمانِ أُجْرةً [1170] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/371)، ((تفسير ابن كثير)) (4/417)، ((تفسير الشوكاني)) (3/70)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/62). .
كما قال تعالى: قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ الأنعام: 90.
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ.
أي: ما القُرآنُ إلَّا عِظَةٌ وتذْكِرةٌ للعالَمينَ، يَتذكَّرون به، ويهتَدون [1171] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/371)، ((تفسير القرطبي)) (9/271)، ((تفسير ابن كثير)) (4/417)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406). .
كما قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ الإسراء: 9.
وقال سبحانه: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ المائدة: 15- 16.
وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105).
أي: وكمْ مِن علاماتٍ كثيرةٍ في السَّمواتِ والأرضِ دالَّةٍ على أنَّ اللَّه هو المستحِقُّ للعِبادةِ وحْدَه، يمُرُّ عليها النَّاسُ ويرَونَها، وهم عن التَّفكُّرِ فيها والاعتِبارِ بها مُعرِضون [1172] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/371)، ((تفسير ابن كثير)) (4/418)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/63). .
كما قال تعالى: وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ الأنبياء: 32.
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ (106).
أي: وما يُقِرُّ أكثَرُ النَّاسِ [1173] قال ابنُ جريرٍ: (يقول تعالى ذكْرُه: وما يقِرُّ أكثرُ هؤلاءِ الَّذين وصَفَ عزَّ وجلَّ صِفَتَهم بقولِه: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ باللَّهِ أنَّه خالِقُه ورازقُه وخالقُ كلِّ شيءٍ، إلَّا وهم به مشركونَ...). ((تفسير ابن جرير)) (13/372). وقال الشِّنقيطيُّ: (قال ابنُ عبَّاسٍ، والحسنُ، ومُجاهدٌ، وعامرٌ الشَّعبيُّ، وأكثرُ المُفسِّرينَ: إنَّ معنى هذه الآيةِ: أنَّ أكثرَ النَّاسِ- وهم الكُفَّارُ- ما كانوا يُؤمنونَ باللَّهِ بتَوحيدِهم له في رُبوبيَّتِه إلَّا وهم مُشرِكون به غيرَه في عِبادتِه). ((أضواء البيان)) (2/218). بأنَّ اللَّهَ ربُّهم إلَّا وهم مُشرِكون به غيرَه في عِبادتِه [1174] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/372)، ((جامع المسائل)) لابن تيمية (3/151)، ((تفسير ابن كثير)) (4/418)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/218). !
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((كان المُشرِكون يقولون: لبَّيكَ لا شَريكَ لك، قال: فيقولُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ويْلَكُم، قدْ قدْ [1175] قَدْ قَدْ: أي: كفاكم هذا الكلامُ، فاقتَصِروا عليه، ولا تَزيدُوا. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (8/90). !!، فيقولونَ: إلَّا شَريكًا هو لك، تملِكُه وما ملَكَ؛ يقولونَ هذا وهم يَطوفونَ بالبيتِ )) [1176] رواه مسلم (1185). !
وعن مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ، قال: ((انطلقْتُ مع أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللَّهُ عنه إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا أبا بكرٍ، لَلشِّرْكُ فيكم أَخْفَى مِن دَبيبِ النَّمْلِ، فقال أبو بكرٍ: وهل الشِّرْكُ إلَّا مَن جعَلَ مع اللَّهِ إلهًا آخَرَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: والَّذي نفْسي بيَدِه، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِن دَبيبِ النَّمْلِ! ألَا أدُلُّك على شيءٍ إذا قُلْتَه ذهَبَ عنك قليلُه وكثيرُه؟، قال: قل: اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ أنْ أُشْرِكَ بكَ وأنا أعلَمُ، وأستغفِرُك لِمَا لا أعلَمُ )) [1177] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (716) واللفظ له، وأبو يعلى (60)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (982). قال ابنُ القيِّمِ في ((بدائع الفوائد)) (2/242): مشهورٌ، وصحَّحَه الألبانيُّ في ((صحيح الأدب المفرد)) (551). .
وعن سَعدِ بنِ عُبَيدةَ، ((أنَّ ابنَ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما سمِعَ رجلًا يقولُ: لا والكَعبةِ، فقال ابنُ عمَرَ: لا يُحْلَفُ بغيرِ اللَّهِ؛ فإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن حلِفَ بغيرِ اللَّهِ فقد كفَرَ، أو أشْرَكَ )) [1178] أخرجه أبو داود (3251)، والترمذي (1535) واللفظ له، وأحمد (6072). حسَّنَه التِّرمذيُّ، وصحَّحَه على شرْطِ الشَّيخينِ الحاكمُ في ((المستدرك)) (4/330)، وصحَّحه ابنُ المُلقِّنِ في ((البدر المنير)) (9/458)، وابنُ بازٍ في ((مجموع الفتاوى)) (3/144)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1535). .
وعن مَحمودِ بنِ لبيدٍ رضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قال: ((إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّرْكُ الأصغَرُ، قالوا: وما الشِّرْكُ الأصغَرُ يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: الرِّياءُ؛ يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لهم يومَ القيامةِ إذا جُزِيَ النَّاسُ بأَعمالِهم: اذْهَبوا إلى الَّذين كنتُم تُراؤونَ في الدُّنيا، فانْظُروا هل تجِدونَ عندهم جزاءً؟ !)) [1179] أخرجه أحمد (23630) واللفظ له، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6831)، والبغوي في ((شرح السنة)) (4135). جوَّدَ إسنادَه المُنذريُّ في ((الترغيب والترهيب)) (1/52)، ووثَّقَ رِجالَه العراقيُّ في ((تخريج الإحياء)) (3/361)، وقال الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) (1/107): رِجالُه رِجالُ الصَّحيحِ. وحسَّنَ إسنادَه ابنُ حجرٍ في ((بلوغ المرام)) (440)، وصحَّحَ الحديثَ ابنُ بازٍ في ((مجموع الفتاوى)) (2/29)، والألبانيُّ في ((صحيح الجامع)) (1555). .
أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (107).
أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ.
أي: أفأمِنَ أولئك الَّذين لا يُؤمِنونَ باللَّهِ إلَّا وهم مُشرِكون أنْ تأتِيَهم عُقوبةٌ مِن اللَّهِ تغْشاهم وتُحيطُ بهم؛ بسبَبِ شِرْكِهم باللَّهِ [1180] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/377)، ((تفسير ابن كثير)) (4/422)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/64). ؟!
كما قال تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ الأعراف: 97- 99.
وقال سبحانه: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ النحل: 45- 47.
أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ.
أي: أوْ أَمِنَ الَّذين لا يُؤمِنونَ باللَّهِ إلَّا وهم مُشرِكون أنْ تأتِيَهم القِيامةُ فجأَةً وهم لا يَدْرونَ بمَجيئِها؟! فلْيَتوبوا إلى اللَّهِ إذًا [1181] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/377)، ((تفسير السعدي)) (ص: 406)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/64). .
كما قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ الزخرف: 66.
وقال سبحانه: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ محمد: 18.

الفوائد العلمية واللطائف :

1- قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ أشارَ تعالى في هذه الآيةِ الكريمةِ إلى صِحَّةِ نُبوَّةِ نبيِّنا صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّه أَنْزَلَ عليه هذا القُرآنَ، وفصَّلَ له هذه القِصَّةَ، مع أنَّه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لم يكُنْ حاضرًا لدَى أولادِ يعقوبَ حين أجْمَعوا أمْرَهم على المَكْرِ به، وجَعْلِه في غَيابةِ الجُبِّ، إلى غيرِ ذلك؛ فلولا أنَّ اللَّهَ أوْحَى إليه ذلك ما عرَفَه مِن تِلقاءِ نفْسِه. والآياتُ المُشيرةُ لإثباتِ رِسالتِه- بدَليلِ إخبارِه بالقِصَصِ الماضيةِ، الَّتي لا يمكِنُه علْمُ حَقائقِها إلَّا عن طريقِ الوحيِ- كثيرةٌ، كقولِه: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ آل عمران: 44، وقولِه: وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ القصص: 44، وقولِه: وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ القصص: 45، وقولِه: وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ الآيةَ القصص: 46، وقولِه: مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ص: 69- 70، وقولِه: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ هود: 49، إلى غيرِ ذلك مِن الآياتِ؛ فهذه الآياتُ مِن أوضَحِ الأدلَّةِ على أنَّه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَسولٌ كريمٌ، وإنْ كانتِ المُعجزاتُ الباهِرةُ الدَّالَّةُ على ذلك أكثَرَ مِن الحصْرِ [1182] يُنظر: ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/218). .
2- إنْ قيل: إنَّ قولَه تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ أفاد تقييدَ إيمانِهم بكونِهم مشركينَ، وهو مشكلٌ لما بينَ الإيمانِ والشركِ مِن المنافاةِ.
فالجوابُ: أنَّ هذا الإيمانَ المُقيَّدَ بحالِ الشِّرْكِ إنَّما هو إيمانٌ لُغويٌّ لا شَرعيٌّ؛ لأنَّ مَن يعبُدُ مع اللَّهِ غيرَه لا يَصدُقُ عليه اسمُ الإيمانِ البتَّةَ شرعًا. أمَّا الإيمانُ اللُّغويُّ فهو يَشملُ كلَّ تصديقٍ؛ فتَصديقُ الكافرِ بأنَّ اللَّهَ هو الخالقُ الرَّازقُ يَصدُقُ عليه اسمُ الإيمانِ لُغةً مع كُفْرِه باللَّهِ، ولا يَصدُقُ عليه اسمُ الإيمانِ شرعًا، وإذا حقَّقْتَ ذلك علِمْتَ أنَّ الإيمانَ اللُّغويَّ يُجامِعُ الشِّركَ؛ فلا إشكالَ في تَقييدِه به [1183]  يُنظر: ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/219). ، وقيل: وما يؤمِنُ أكثَرُهم بأنَّ اللَّهَ خالِقُه ورازقُه وخالِقُ كلِّ شيءٍ قولًا، إلَّا وهو مُشرِكٌ بعِبادةِ الأصنامِ فِعلًا. وقيل: إنَّ المُرادَ به المنافِقونَ؛ يُؤمِنونَ بألسنَتِهم قولًا، ويُشرِكون بقُلوبِهم اعتقادًا [1184]  يُنظر: ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص: 284). .
3- قال اللَّهُ تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ سمَّاه اللَّهُ تعالى إيمانًا مع التَّقييدِ، وإلَّا فالمُشرِكُ الَّذي جعَلَ مع اللَّهِ إلهًا آخَرَ لا يَدخُلُ في مُسمَّى الإيمانِ عند الإطلاقِ [1185] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (16/573). .

بلاغة الآيات :

1- قوله تعالى: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ في هذه الآيةِ ما يُسَمَّى في عِلْمِ البَيانِ بـ (الاحتجاجِ النَّظريِّ)، وبعضُهم يُسَمِّيه (المَذهبَ الكَلاميَّ)؛ وهو في الأساسِ مُصطلَحٌ جدَليٌّ [1186] وقد أطْلَق عليه الزركشيُّ «إلجام الخَصْمِ بالحُجَّة» وعرَّفَه بأنَّه: الاحتِجاجُ على المعنى المقصودِ بحُجَّةٍ عقليَّةٍ تَقطَعُ المعاندَ له فيه، وهو مِن أساليبِ القُرآن، ومنه قولُه تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء: 22] . يُنظر: ((البرهان في علوم القرآن)) للزركشي (3/468- 470). ، وهو أنْ يُلْزِمَ الخَصْمَ ما هو لازمٌ لهذا الاحتِجاجِ، وفيه هنا تَهَكُّمٌ مَريرٌ بقُريشٍ وبمَن كذَّبَ محمَّدًا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم؛ لأنَّه لا يَخْفى على أحدٍ أنَّه لم يكُنْ مِن حَمَلَةِ هذا الحَديثِ وأشباهِه، ولا لَقِيَ فيها أحدًا ولا سمِعَ منه، ولم يكُنْ مِن عِلْمِ قومِه؛ فإذا أخبَرَ به وقصَّه هذا القَصَصَ البديعَ الَّذي أعجَزَ حَمَلَتَه ورُواتِه، لم تقَعْ شُبهةٌ في أنَّه ليس منه، وإنَّما هو مِن جِهَةِ القُرون الخاليةِ، ونحوُه وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ القصص: 44؛ فقولُه: وَمَا كُنْتَ هنا تَهَكُّمٌ بهم؛ لأنَّه قد عَلِمَ كلُّ أحدٍ أنَّ محمَّدًا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ما كان معهم [1187] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (2/507)، ((تفسير البيضاوي)) (3/178)، ((تفسير أبي حيان)) (6/330)، ((تفسير أبي السعود)) (4/309). .
- واسمُ الإشارةِ ذَلِكَ إشارةٌ إلى ما ذُكِرَ مِن نبَأِ يوسُفَ عليه السَّلامُ؛ لتَمْييزِ الأنباءِ أكْمَلَ تمييزٍ؛ لِتتمكَّنَ مِن عُقولِ السَّامعينَ لِما فيها مِن المواعِظِ [1188] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (3/177)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/60). .
- قولُه: نُوحِيهِ إِلَيْكَ عبَّرَ بصيغةِ المُضارِعِ نُوحِيهِ؛ تصويرًا لحالِ الإيحاءِ الشَّريفِ، وإشارةً إلى أنَّه لا يزالُ معه يكشِفُ له ما يُريدُ [1189] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (10/235). .
- وأيضًا في قولِه: نُوحِيهِ إِلَيْكَ تَذْكيرُ ضميرِ نُوحِيهِ؛ لأجلِ مُراعاةِ اسمِ الإشارةِ ذَلِكَ [1190] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/60). .
- قولُه: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ هذه الجُملةُ استخلاصٌ لمَواضِعِ العِبْرةِ مِن القِصَّةِ، وفيها مِنَّةٌ على النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وتَعريضٌ للمُشركينَ بتَنْبِيهِهم لإعجازِ القُرآنِ مِن الجانبِ العِلْميِّ؛ فإنَّ صُدورَ ذلك مِن النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الأُمِّيِّ آيةٌ كُبْرَى على أنَّه وحيٌ مِن اللَّهِ تعالى؛ ولذلك عقَّبَ بقولِه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ. وجُملةُ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ في موضِعِ الحالِ؛ إذ هي تَمامُ التَّعجُّبِ [1191] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/61). .
- وليس المُرادُ بقولِه: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ مُجَرَّدَ نَفْيِ حُضورِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في مَشْهَدِ إجماعِهم ومَكْرِهم فقط، بلْ في سائرِ المَشاهِدِ أيضًا، وإنَّما تَخصيصُه بالذِّكْرِ هنا؛ لكونِه مَطْلَعَ القِصَّةِ، وأَخْفَى أحوالِها، كما يُنْبِئُ عنه قولُه: وَهُمْ يَمْكُرُونَ [1192] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/308). .
- قولُه: وَهُمْ يَمْكُرُونَ فيه التَّعبيرُ عن مَكْرِهم بصِيغةِ المُضارعِ يَمْكُرُونَ؛ لاستِحضارِ الحالةِ العَجيبةِ [1193] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/61). .
2- قوله تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
- قوله: وَلَوْ حَرَصْتَ اعتراضٌ، وهذه الآيةِ مِن الاعتراضِ الَّذي لا يأْتي في الكلامِ إلَّا لفائدةٍ، وهو جارٍ مَجرَى التَّوكيدِ، وفائدةُ هذا الاعتراضِ هنا أمْرانِ؛ أوَّلُهما: تصويرُ حِرْصِه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم على إيمانِ قَومِه وهدايتِهم، وتهالُكِه على رَدْعِهم عن غَيِّهم، وحَرْفِهم عن مَظانِّ الخطأِ، ومواطِنِ الضَّلالِ، واستهدافِه للأذَى في سبيلِ هذا الحِرْصِ، مع عِلْمِه بعدَمِ جَدْوى ذلك، واستِحالةِ إقلاعِهم عمَّا هم فيه. والثَّاني: تَصويرُ لَجاجَتِهم، وجُحودِ عَقليَّتِهم، وإصرارِهم على الغَيِّ الَّذي هم فيه شارِعونَ، وبه آخِذون، وعِنادِهم ومُكابَرَتِهم فيما لا تُجْدي معه الحُجَجُ والبَراهينُ الثَّابِتَةُ المُنيرةُ [1194] يُنظر: ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (5/62- 66). .
3- قوله تعالى: وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ
- قولُه: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ فيه قَصْرٌ، وهو قَصْرٌ إضافيٌّ، أي: ما هو إلَّا ذِكْرٌ للعالَمينَ، لا لِتحْصيلِ أجْرِ تَبْلِيغه [1195] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/62). .
4- قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ
- قولُه: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ المقصودُ مِن هذا تَشْنيعُ حالِهم، وهذا مِن قَبيلِ تأْكيدِ الشَّيءِ بِما يُشْبِهُ ضِدَّهُ على وجْهِ التَّهَكُّمِ [1196] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/63، 64). .
5- قوله تعالى: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
- قولُه: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ... اعتِراضٌ بالتَّفريعِ على ما دلَّتْ عليه الجُملتانِ قبْلَه مِن تفْظيعِ حالِهم، وجُرْأَتِهم على خالِقِهم، والاستِمرارِ على ذلك دون إقْلاعٍ، والاستفهامُ بقولِه: أَفَأَمِنُوا استفهامُ إنكارٍ؛ فيه تَوبيخٌ وتَهْديدٌ [1197] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/332)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/64). .