الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: اشْتِراطُ تَوْثيقِ القَرْضِ بالرَّهْنِ


يَجوزُ الاقْتِراضُ بشَرْطِ الرَّهْنِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأرْبَعةِ: الحَنَفِيَّةِ [363] ((المبسوط)) للسرخسي (21/56)، و(19/69)، ((البناية)) للعيني (12/465). ، والمالِكِيَّةِ [364] ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (3/232)، ((منح الجليل)) لعليش (5/418). ، والشَّافِعِيَّةِ [365] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/48)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/120). ، والحَنابِلةِ [366] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/97)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/244). ، وهو قَوْلُ كَثيرٍ مِن السَّلَفِ [367] قالَ ابنُ المُنذِرِ: (ممَّن قالَ بظاهِرِ هذا الحَديثِ: سُفْيانُ الثَّوْريُّ، ومالِكُ بنُ أَنَسٍ، والشَّافِعيُّ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأيِ، ولا نَعلَمُ أحَدًا خالَفَ ذلك في القَديمِ والحَديثِ إلَّا مُجاهِدٌ؛ فإنَّه ذَكَرَ أنْ ليس الرَّهْنُ إلَّا في السَّفَرِ). ((الأوسط)) (10/520)، وقالَ القُرْطُبِيُّ: (ولم يُرْوَ عن أحَدٍ مَنْعُه في الحَضَرِ سِوى مُجاهِدٍ والضَّحَّاكِ وداودَ، مُتَمَسِّكينَ بالآيةِ، ولا حُجَّةَ فيها). ((تفسير القرطبي)) (3/407). .
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكِتابِ
قَوْلُه سبحانه وتَعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة: 283] .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا الكَلامَ وإن كانَ خَرَجَ مَخرَجَ الشَّرْطِ، فالمُرادُ به غالِبُ الأحْوالِ، وليس كَوْنُ الرَّهْنِ في الآيةِ في السَّفَرِ ممَّا يُحظَرُ في غَيْرِه [368] ((تفسير القرطبي)) (3/407). .
ثانِيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالَتْ: ((تُوفِّيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ودِرْعُه مَرْهونةٌ عنْدَ يَهودِيٍّ بثَلاثينَ صاعًا مِن شَعيرٍ)) [369] أخرجه البُخارِيُّ (2913). .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ جَوازُ الرَّهْنِ، وما جازَ فِعْلُه جازَ شَرْطُه [370] يُنظَرُ: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/97)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/120). .
ثالِثًا: لأنَّ الرَّهْنَ يُرادُ لتَوْثِقةِ العَقْدِ، وليس ذلك بزِيادةٍ في القَرْضِ [371] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/97) ويُنظَرُ: ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/120). .
رابِعًا: لأنَّ النَّاسَ مُحْتاجونَ إلى أن تَمْشِيَ مُعامَلاتُهم، فيَسْتفيدَ الرَّاهِنُ والمُرْتَهِنُ؛ لأنَّ المُرْتَهِنَ إذا اشْتَرَطَ يَضمَنُ مالَه، والرَّاهِنَ يَجِدُ مَن يُقرِضُه ويَقْضي حاجتَه، وكلُّ شيءٍ يَتَضمَّنُ مَصْلحةً بدونِ مَفْسدةٍ راجِحةٍ، فإنَّ القِياسَ يَقْتَضي حِلَّه وجَوازَه [372] يُنظَرُ: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/120). .

انظر أيضا: