الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: حُكمُ بَيعِ الكالئِ بالكالئِ


يَحرُمُ بَيعُ الكالئِ بالكالئِ.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: منَ السُّنَّةِ
 عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((قدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ وهم يُسلِفونَ في الثِّمارِ السَّنةَ والسَّنَتينِ، فقال: مَن أسلَفَ في تَمرٍ، فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووَزنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ )) أخرَجَه البُخاريُّ (2240)، ومسلمٌ (1604) واللَّفظُ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((مَن أسلَفَ في تَمرٍ، فلْيُسلِفْ ))، أي: فلْيُعْطِ؛ لأنَّه لا يقَعُ اسمُ السَّلفِ فيه حتَّى يُعْطيَه ما أسْلَفَه قبْلَ أنْ يُفارِقَ مَن أسلَفَه يُنظَر: ((الأم)) للشافعي (3/ 95)، ((شرح الزركشي على مختصر الخِرَقي)) (4/ 14). ؛ فلمَّا اشترَطَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَقبِضَ الثَّمنَ كاملًا، دلَّ على أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ الكالئِ بالكالئِ.
ثانيًا: منَ الإجْماعِ
نقَلَ الإجْماعَ على ذلك: أحمدُ بنُ حَنبلٍ قال ابنُ تيميَّةَ: (قال أحمدُ: لم يَصِحَّ فيه حديثٌ، ولكنْ هو إجماعٌ) ((نظرية العقد)) (ص: 235)، وحَكاه عنه الشَّوكانيُّ وقال: (هو إجماعٌ، كما حكاه أحمدُ) ((نيل الأوطار)) (5/186). ، وابنُ المنذِرِ قال ابن المنذر: (ذِكرُ النَّهيِ عنِ الكالئِ بالكالئِ. أجمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّ بَيعَ الدَّينِ بالدَّينِ لا يجوزُ؛ فمِن ذلك أنْ يُسلِمَ الرَّجلُ إلى الرَّجلِ دَنانيرَ في عَشَرةِ أمْدادِ قمْحٍ إلى وقتٍ معلومٍ، فيأْتي الوقتُ ولا يُحضِرُ الذي عليه الطَّعامُ الطَّعامَ الذي عليه، فيَشْتَري الذي عليه الأمْدادُ منَ المُسلِفِ الذي حلَّ له بخَمسةَ عشَرَ دينارًا إلى وقتٍ ثانٍ مَعلومٍ، فهذا دَينٌ انقلَبَ إلى دَينٍ مثلِه. ومِن هذا البابِ: أنْ يُسلِفَ الرَّجلُ الرَّجلَ في عَشَرةِ أمْدادِ قَمْحٍ إلى وقتٍ معلومٍ، ولا يَقبِضَ الثَّمنَ، فيكونَ ذلك دَينًا بدَينٍ) ((الأوسط)) (10/119). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (إذا كان لرَجلٍ في ذمَّةِ رجلٍ ذهَبٌ، وللآخَرِ عليه دراهمُ، فاصْطَرَفا بما في ذمَّتِهما؛ لم يصِحَّ، وبهذا قال اللَّيثُ والشافعيُّ، وحكى ابنُ عبدِ البَرِّ عن مالكٍ وأبي حنيفةَ جَوازَه؛ لأنَّ الذِّمَّةَ الحاضرةَ كالعينِ الحاضِرةِ؛ ولذلك جازَ أنْ يَشتريَ الدَّراهمَ بدَنانيرَ من غيرِ تَعْيينٍ. ولنا: أنَّه بَيعُ دَينٍ بدَينٍ، ولا يجوزُ ذلك بالإجْماع) ((المغني)) (4/37). ، والنَّوويُّ قال النَّوويُّ: (لا يَجوزُ بَيعُ نَسيئةٍ بنَسيئةٍ؛ بأنْ يقولَ: بِعْني ثوبًا في ذمَّتي، بصفتِه كذا، إلى شهرِ كذا، بدينارٍ مؤجَّلٍ، إلى وقتِ كذا، فيقولَ: قَبِلْتُ، وهذا فاسدٌ بلا خلافٍ) ((المجموع)) (9/400).

انظر أيضا: