الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ السَّادِسُ: تعَدُّدُ الشُّروطِ الصَّحيحةِ في البَيْعِ


يَصِحُّ في البَيْعِ وُجودُ شَرْطٍ أو أكثَرَ ولو كان ممَّا يتعَلَّقُ بمَنفعةِ أحَدِ المُتبايِعَينِ إذا كانَ الشَّرطُ مِمَّا يَقتَضيه العَقْدُ، كتَسليمِ الثَّمنِ أوِ المَبيعِ، أوِ الرَّدِّ بِالعَيبِ، أو مِن مَصلَحَتِه، كتَأجيلِ الثَّمَنِ، أوِ الرَّهنِ أوِ الكَفيلِ، فكُلُّ هَذا لا إشكالَ أصلًا في تَعَدُّدِه. مَحَلُّ الخِلافِ في تَعَدُّدِ الشُّروطِ هوَ في اشتِراطِ المَنفَعةِ لِأحَدِ المُتَبايِعَينِ في مِثلِ اشتِراطِ تَكسيرِ الحَطبِ المُشتَرَى وحَملِه؛ لِأنَّهم اختَلَفوا أوَّلًا في جَوازِه، فجَوَّزه المالِكيَّةُ والحَنابِلةُ، ثُمَّ اختَلَفوا في تَعَدُّدِه. ، وهو رِوايةٌ عن أحمَدَ ((الإنصاف)) للمرداوي (4/251). ، واختاره ابنُ تَيمِيَّةَ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّةَ (29/160)، ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّةَ (4/79). ، وابنُ القَيِّمِ قال ابنُ القَيِّمِ: (إنْ شَرَطَ ما يَقتَضيه العَقدُ أو ما هوَ مِن مَصلَحَتِه، كالرَّهنِ والتَّأجيلِ والضَّمينِ ونَقِد كذا، جائِزٌ بِلا خِلافٍ، تَعَدَّدَتِ الشُّروطُ أوِ اتَّحَدَت) ((تهذيب سنن أبي داود)) (9/295)، وينظر: ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (1/401). ، وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عُثَيمين: (قَولُه: «ولا شَرطانِ في بَيعٍ»، وإذا شَرَطَ المُشتَري حَملَ الحَطبِ وتَكسيرَه، فهما شَرطانِ في بيعٍ، أو شَرَطَ البائِعُ سُكنَى الدَّارِ والدُّكَّانِ لِمُدَّةِ شَهرٍ، فإنَّه لا يَصِحُّ، ولَكِنَّ هَذا الِاستِدلالَ بِهَذا الدَّليلِ غَيرُ صَحيحٍ. والصَّحيحُ جَوازُ الجَمعِ بينَ شَرطَينِ، بل بينَ ثَلاثةِ شُروطٍ وأربَعةِ شُروطٍ حَسَبَ ما يَتَّفِقانِ عليه) ((الشرح الممتع)) (8/235).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الأصلَ في العُقودِ والشُّروطِ الجَوازُ والصِّحَّةُ، ولا يَحرُمُ ويَبطُلُ مِنها إلَّا ما دَلَّ على تَحريمِه وإبطالِه نَصٌّ أو قياسٌ ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّةَ (4/79، 80).
ثانيًا: لأنَّ الشَّرطَ الصَّحيحَ لا يُؤَثِّرُ في البَيعِ وإنْ كَثُر، والفاسِدُ يُؤَثِّرُ فيه وإنِ اتَّحَدَ ((المغني)) لابن قدامة (4/170).

انظر أيضا: