موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الخامِسُ: بَدرُ الدِّينِ الدَّمامينيُّ (ت: 827 هـ)


بَدرُ الدِّينِ، مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكرِ بنِ عُمَرَ بنِ أبي بكرِ بنِ مُحَمَّدٍ، المخزوميُّ، القُرَشيُّ، الإسكندرانيُّ.
مَوْلِدُه:
وُلِد سَنةَ ثلاثٍ وسِتِّين وسَبْعِ مِائةٍ.
مِن مَشَايِخِه:
ابن الملقِّن، والمجْدُ الحنفيُّ، والبهاءُ الدَّمامينيُّ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
مَهرَ في العَرَبيَّةِ والفُنونِ، ونابَ في الحُكمِ بها، ثُمَّ بالقاهِرةِ، وكان عارِفًا بالوثائِقِ، حَسَنَ الخَطِّ، رائِقَ النَّظْمِ والنَّثرِ، وكان أحَدَ الكَمَلةِ في فُنونِ الأدَبِ، سَريعَ الإدراكِ قَويَّ الحافِظة، حَسَنَ المَودَّة، ودَرَّسَ بالإسكَندَريَّةِ ونابَ بها في الحُكمِ وبِالقاهرةِ، وأقرَأ النَّحوَ بالأزهَرِ، جازَ البَحرَ إلَى الهِندِ، فحَصَلَت له دَنيا عَريضةٌ.
ومِن شِعْرِه:
رماني زَماني بما ساءني
فجاءت نُحوسٌ وغابت سُعُودُ
وأصبَحْتُ بين الوَرَى بالمَشيبِ
عليلًا فلَيْتَ الشَّبابَ يَعودُ
عَقيدتُه:
أكثَرَ الدَّمامينيُّ مِن نَقلِ أقوالِ الأشاعِرةِ ونُصرتِها، وهذا يدُلُّ على أنَّه كان على مَذهَبِ الأشاعِرة في تأويلِ الصِّفاتِ. يدُلُّ على ذلك قَولُه: ((الشَّرْعُ أَذِنَ في رَفعِ البَصَرِ إلى السَّماءِ، وفي الدُّعاءِ، وأَذِنَ في وَصفِ الحقِّ بالعُلُوِّ، وإن كان مَعنويًّا لا جُسْمانيًّا، ولم يؤذَنْ في وَصْفِه بالانخِفاضِ البتَّةَ، ولا له اسمٌ مُشتَقٌّ مِن ذلك. وقد ورد: ((يَنزِلُ رَبُّنا إلى السَّماءِ الدُّنيا )) [673] أخرجه البخاري (1145)، ومسلم (758) باختلاف يسير من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ، وأوَّلْناه بالمعنى، لكِنَّه لم يُشْتَقَّ له منه اسمُ المُتَنَزِّلِ؛ بخلافِ اسمِه المُتَعالي سُبحانَه وتعالى)) [674] ينظر: ((مصابيح الجامع)) للدماميني (6/ 333). .
وقال في تأويلِ صِفةِ الرَّحمةِ: ((اعلَمْ أنَّه يجوزُ عند المتكَلِّمينَ في تأويلِ ما لا يَسوغُ نِسبَتُه إلى اللهِ تعالى على حقيقتِه اللُّغَويَّةِ وَجهانِ:
أحَدُهما: الحَمْلُ على الإرادةِ، فيكونُ مِن صِفاتِ الذَّاتِ.
والآخَرُ: الحَمْلُ على فِعلِ الإكرامِ، فيَكونُ مِن صِفاتِ الأفعالِ، كالرَّحمةِ؛ فإنَّها في اللُّغةِ مُشتَقَّةٌ مِنَ الرَّحِمِ، وحاصِلُها رقَّةٌ طبيعيَّةٌ ومَيلٌ جِبِلِّيٌّ، وهذا مستحيلٌ في حَقِّ الباري سُبحانَه وتعالى؛ فمنهم من يحمِلُها على إرادةِ الخَيرِ، ومنهم من يحمِلُها على فِعلِ الخَيرِ.
ثمَّ بَعْدَ ذلك يتعَيَّنُ أحدُ التأويلَينِ في بَعضِ السِّياقاتِ لمانعٍ يمنَعُ من الآخَرِ، مثالُه هاهنا، فيتعَيَّنُ تأويلُ الرَّحمةِ بفِعلِ الخيرِ؛ لتكونَ صِفةَ فِعلٍ، فتكونَ حادِثةً عند الأشعريِّ، فيتسلَّطَ الخَلقُ عليها، ولا يصِحُّ هنا تأويلُها بالإرادةِ؛ لأنَّها إذ ذاك من صِفاتِ الذَّاتِ، فتكونُ قديمةً، فيمتَنِعُ تعلُّقُ الخَلقِ بها))
[675] ينظر: ((مصابيح الجامع)) للدماميني (9/ 435). .
وقال: ((المشَبِّهةُ والكَرَّاميَّةُ والمجسِّمَةُ زَعَموا أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى في مكانٍ مخصوصٍ، وهو العَرْشُ، تعالى اللهُ عمَّا يقولُ الظَّالِمون عُلُوًّا كبيرًا، واستَنَدوا إلى قَولِه تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ، وهذا مُحتَمِلٌ لا يَصلُحُ لأن يكونَ حُجَّةً، وبيانُ كَونِه محتَمِلًا: أن العَرَبَ يُطلِقون الاستواءَ على الاستيلاءِ، كما في قَولِ الشَّاعِرِ:
قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى العِرَاقِ
مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ))
[676] ينظر: ((مصابيح الجامع)) للدماميني (10/ 200). .
مُصَنَّفَاتُه:
 مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((مصابيح الجامع))، وكتاب: ((تحفة اللبيب في حاشية مغني اللبيب))، وكتاب: ((العُيون الغامزة على خبايا الرَّامزة))، وكتاب: ((تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ سبعٍ وعِشرينَ وثَمانِ مِائةٍ [677] يُنظَر: ((المجمع المؤسس للمعجم المفهرس)) لابن حجر (3/ 290)، ((بغية الوعاة)) للسيوطي (1/ 66)، ((نيل الابتهاج بتطريز الديباج)) للتُّنْبُكْتي (ص: 489)، ((الأعلام)) للزركلي (6/ 57). .

انظر أيضا: