موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ الأوَّلُ: التَّعريفُ بالإنشاءِ


الإنشاءُ لُغةً:
الإنشاءُ: مَصْدَرُ أَنْشَأ، وهو فِعْلٌ ثُلاثيٌّ مَزيدٌ بالهَمزةِ، ومعناه: الابتِداءُ والإيجادُ على غَيرِ مِثالٍ [1] يُنظر: ((التلخيص في معرفة أسماء الأشياء)) للعسكري (ص: 419). .
والفَرْقُ بَيْنَ الفِعلِ والإنشاءِ: أنَّ الإنشاءَ يكونُ مِن غَيرِ احتِذاءٍ على مِثالٍ، وقيل: الفِعلُ: ابتِداءُ الإيجادِ بسَبَبٍ مِنَ الأسبابِ، والإنشاءُ لا يكونُ عن سَبَبٍ [2] يُنظر: ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص: 134). .
الإنشاءُ اصطِلاحًا:
ذَكَر العُلَماءُ عِدَّةَ تَعريفاتٍ للإنشاءِ؛ منها:
قال محمَّدٌ الطَّاهِرُ بنُ عاشورٍ: (عِلمٌ تُعرَفُ به كيفيَّةُ أداءِ المعاني الَّتي تَخطُرُ بالذِّهْنِ أو تُلقَى إليه، على وَجْهٍ تتمَكَّنُ به مِن نُفوسِ المُخاطَبينَ، مِن حَيثُ حُسْنُ رَبْطِ أجزاءِ الكَلامِ، واشتِمالُه على ما يُستَجادُ مِنَ الألفاظِ ويحسُنُ مِنَ الأساليبِ مع بَلاغتِه) [3] يُنظر: ((أصول الإنشاء والخطابة)) لابن عاشور (ص: 47). .
وقال عُمَرُ الطَّبَّاعُ: (الإنشاءُ: تَعبيرٌ في قالَبٍ لَفْظيٍّ يُوحي بأغراضِ المُتكَلِّمِ) [4] يُنظر: ((الوسيط في قواعد الإملاء والإنشاء)) لعمر فاروق الطباع (ص: 146). .
وقال محمَّد أمين ضناوي: (الإنشاءُ: هو البَلاغةُ والوُضوحُ، والتَّعبيرُ عن الفِكرةِ بتَعَمُّقٍ وطَبيعةٍ وسَلاسةٍ، وهو مُراعاةُ مُقتَضى الحالِ، وإبلاغُ السَّامعينَ عمَّا نريدُ أن نقولَ بأمانةٍ وصِدقٍ) [5] يُنظر: ((المعجم الميسر في القواعد والبلاغة والإنشاء)) لمحمد أمين ضناوي (ص: 297). .
والملاحَظُ في تلك التَّعريفاتِ أنَّها قَريبةٌ جِدًّا من تعريفِ البَلاغةِ الَّذي هو: (مُطابَقةُ الكَلامِ لمُقتَضى الحالِ مع فصاحَتِه) [6] يُنظر: ((عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح)) لبهاء الدين السبكي (1/ 90). ؛ حيثُ اشتَمَلت تعريفاتُ الإنشاءِ على مُراعاةِ المعنى ومُطابَقةِ الكَلامِ لِمُقتَضى الحالِ، وأداءِ المعنى بأحسَنِ الألفاظِ وأجزَلِها.
ولهذا فإنَّ قواعِدَ الإنشاءِ ترتَبِطُ ارتِباطًا وَثيقًا بعُلومِ البَلاغةِ، بل وتستَمِدُّ أغلَبَ مَباحِثِها منها، أو على الأقَلِّ يَتشارَكانِ في بَعضِ المباحِثِ الَّتي لا غِنَى لأحَدِ الفَريقَينِ عنها.
ويُلْحَظ كذلك مِنَ التَّعريفاتِ أنَّه ليس ثَمَّةَ عَلاقةٌ بَيْنَ التَّعريفينِ اللُّغَويِّ والاصطِلاحيِّ للإنشاءِ؛ اللَّهُمَّ إلَّا أن تكونَ العَلاقةُ بينهما أنَّ في الإنشاءِ بالمعنى الاصطِلاحيِّ إيصالَ المعنى بأُسلوبٍ جديدٍ مُبتَكَرٍ على غَيرِ مِثالٍ.
ويُلحظُ أيضًا أنَّ الإنشاءَ هُنا يَختلفُ عن الإنشاءِ الَّذي هو قَسيمُ الخبرِ في عِلمِ المعاني من البَلاغةِ العربيَّةِ، والذي يَهتَمُّ بدِراسةِ النِّداءِ والاستفهامِ والأمرِ والنَّهي والتَّمَنِّي ونحوِ ذلك.

انظر أيضا: