موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّالثُ: إيهامُ التَّناسُبِ


وهُو داخِلٌ أيضًا في مُراعاةِ النَّظيرِ، وهُو: "الجمْعُ بَيْنَ مَعنيَينِ غيرِ مُتناسِبَينِ بلفْظَينِ يكونُ لهما مَعنيانِ مُتناسِبانِ، وإنْ لم يكونا مَقْصودَينِ هنا".
كقَولِه تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ [الرحمن: 5-6]؛ فكَلمةُ "النِّجم" تأتي بمَعْنى الأَجْرَامِ المُضيئةِ في السَّماءِ، وهذا المَعْنى يُلائِمُ ويُنَاسِبُ كَلمتيِ الشَّمسِ والقمَرِ، فهُما جِرْمانِ أحدُهما مُضِيءٌ، والآخرُ مُنيرٌ، لكنَّ هذا المَعْنى للنَّجمِ غيرُ مُرادٍ هنا، فكان اسْتِخدامُه مِن إيهامِ التَّناسبِ؛ إذْ كان يُمكِنُ اسْتِخدامُ كَلمةٍ أخرى تُؤدِّي المَعْنى المُرادَ دُونَ أن يكونَ فيها إيهامُ التَّناسُبِ، ككَلمةِ "النَّبتِ".
وتأتي كَلمةُ "النَّجْم" بمَعْنى النَّباتِ الَّذي لا ساقَ له، وهذا المَعْنى يُناسبُ مَعْنى كَلمةِ الشَّجرِ، فناسَبتْ كَلمةُ "النَّجمِ" بمَعناها غيرِ المُرادِ ما سبَقها، وهُما الشَّمسُ والقمَرُ، وناسَبتْ بمَعناها المُرادِ ما جاء بعدَها، وهُو الشَّجرُ [432] ينظر: ((حاشية الدسوقي على مختصر المعاني)) (4/ 30)، ((بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة)) لعبد المتعال الصعيدي (4/ 585)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن حَبَنَّكة (2/ 384). .
وقد يُقالُ: إنَّ (النَّجمَ والشَّجرَ مُناسِبان للشَّمسِ والقمَرِ؛ لأنَّ المَقْصودَ جَرَيانُ حُكْمِه تعالى في العُلويَّاتِ والسُّفليَّاتِ، وخصَّ الشَّمسَ والقمَرَ لتَحرُّكِهما أبَدًا بحُكْمِه تعالى على نهْجٍ واحِدٍ، من غيرِ ظُهورِ تَغييرٍ منْهما لِحُكْمِه، والنَّجمُ والشَّجرُ مِنَ السُّفليَّاتِ؛ لأنَّهما يَنبُتانِ في كلِّ سنَةٍ مِرارًا ويَنْعدِمانِ، فأثَرُ الحُكْمِ عليهما أظْهَرُ، فكأنَّه قال: يَنقادُ لحُكمِه تعالى العُلويُّ والسُّفليُّ، فجَمْعُ الشَّجرِ والنَّجمِ معَ الشَّمسِ والقمَرِ مِن جمْعِ المَعاني المُتناسِبةِ) [433] ((الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم)) (2/ 384). .

انظر أيضا: