موسوعة الأخلاق والسلوك

خامِسًا: أقسامُ الحَذَرِ واليَقَظةِ والحَيطةِ


اليَقَظةُ والحَذَرُ والحَيطةُ قِسمانِ:
الأوَّلُ: المحمودُ منها، وهو الذي يرضاه اللَّهُ تعالى ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو ما كان معتَدِلًا بَيْنَ الإفراطِ والتَّفريطِ؛ لأنَّه الذي تُرجى ثمارُه، ويَسعَدُ صاحِبُه في آخرتِه، كحَذَرِ الإنسانِ من الوُقوعِ فيما حَرَّم اللَّهُ سُبحانَه، وبُعدِه عن الشُّبُهاتِ احتياطًا لدينِه، والحَذَرِ من عقابِ اللَّهِ سُبحانَه، وكالحَذَرِ من عَدُوِّه الذي يتربَّصُ به أو بالمُسلِمين شرًّا؛ فالحَذَرُ هو سبيلُ إعدادِ العُدَّةِ، واستدفاعِ مَكرِهم وقُوَّتِهم.
الثَّاني: المذمومُ منها، وذلك حينَ يَخرُجُ عن الهدَفِ المشروعِ، ويكونُ مَدعاةً لتَركِ العَمَلِ، فالحَذَرُ الذي يؤدِّي إلى الهُروبِ من الجهادِ خَوفًا على النَّفسِ من القَتلِ حَذَرٌ مذمومٌ؛ لأنَّه جُبنٌ وضَعفٌ وهَوانٌ.
ولذلك ذمَّ اللَّهُ تعالى الذين خَرَجوا من ديارِهم على كَثرتِهم حَذَرًا من الموتِ، ويَقصِدون بهذا الخُروجِ السَّلامةَ من الموتِ.
قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ [البقرة: 243] .
فما كان خُروجُهم إلَّا فِرارًا وخوفًا من الموتِ الذي سيلاقيهم إنْ عاجِلًا أو آجِلًا [2955] يُنظَر: ((التفسير الوسيط)) لمحمد سيد طنطاوي (1/540)، ((التفسير المنير)) للزحيلي (5/330)، ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 186). .

انظر أيضا: