موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- مِن السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((بادِروا بالأعمالِ فِتَنًا كقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا ويُمسي كافِرًا، أو يُمسي مؤمِنًا ويُصبِحُ كافِرًا، يَبيعُ دينَه بعَرَضٍ من الدُّنيا)) [2586] أخرجه البخاري (118). .
بادِروا: أي: شَمِّروا وأجِدُّوا [2587] ((التنوير)) للصنعاني (4/527). . فذكر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يدُلُّ على أنَّه من الحَزمِ أن يبادِرَ الإنسانُ بالأعمالِ الصَّالحةِ [2588] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/40). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المؤمِنُ القَويُّ خَيرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ من المؤمِنِ الضَّعيفِ، وفي كُلٍّ خَيرٌ، احرِصْ على ما ينفَعُك، واستَعِنْ باللهِ، ولا تَعجِزْ)) [2589] أخرجه مسلم: (2664). .
الإشارةُ بالقُوَّةِ هاهنا إلى العزمِ والحَزمِ والاحتياطِ لا إلى قُوَّةِ البَدَنِ [2590]  ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (3/ 552). .
قال النَّوويُّ: (والمرادُ بالقُوَّةِ هنا عزيمةُ النَّفسِ والقريحةِ في أمورِ الآخِرةِ، فيكونُ صاحِبُ هذا الوَصفِ أكثَرَ إقدامًا على العَدُوِّ في الجِهادِ، وأسرَعَ خُروجًا إليه وذَهابًا في طَلَبِه، وأشَدَّ عزيمةً في الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ، والصَّبرِ على الأذى في كُلِّ ذلك، واحتِمالِ المشاقِّ في ذاتِ اللهِ تعالى، وأرغَبَ في الصَّلاةِ والصَّومِ والأذكارِ وسائِرِ العباداتِ، وأنشَطَ طَلَبًا لها ومحافَظةً عليها، ونَحوَ ذلك) [2591]  ((شرح النووي على مسلم)) (16/ 215). .
3- كذلك ورَدت النُّصوصُ التي تُبَيِّنُ أنَّ الإنسانَ مَسؤولٌ وأنَّه محاسَبٌ؛ ممَّا يدعو إلى الجِدِّيَّةِ، ومن ذلك:
- عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ الدُّنيا حُلوةٌ خَضِرةٌ [2592] أي: غَضَّةٌ ناعِمةٌ طَيِّبةٌ، مُزَيَّنةٌ في عيونِكم وقلوبِكم، وإنَّما وصَفها بالخُضرةِ؛ لأنَّ العَربَ تُسَمِّي الشَّيءَ النَّاعِمَ خَضِرًا، أو لتشَبُّهِها بالخَضراواتِ في سُرعةِ زوالِها. يُنظر: ((المعلم بفوائد مسلم)) للمازري (2/33)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (5/2044). ، وإنَّ اللهَ مُستَخلِفُكم فيها، فيَنظُرُ كيف تَعمَلون)) [2593] أخرجه مسلم (2742). ، فهذا مُستلزِمٌ للجِدِّيَّةِ والحَزمِ في أعمالِ الإنسانِ.
- وعن أبي بَرْزةَ الأسلَميِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تزولُ قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسأَلَ عن عُمُرِه فيما أفناه، وعن عِلمِه فيمَ فَعَل، وعن مالِه مِن أين اكتسَبه وفيمَ أنفَقَه، وعن جِسمِه فيمَ أبلاه)) [2594] أخرجه الترمذي (2417) واللَّفظُ له، والدارمي (537)، وأبو يعلى (7434). صَحَّحه الترمذي، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (30/301)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2417)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سير أعلام النبلاء)) (9/316). .
- وعن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (إذا أمسَيتَ فلا تنتَظِرِ الصَّباحَ، وإذا أصبَحْتَ فلا تنتَظِرِ المساءَ، وخُذْ من صِحَّتِك لمرَضِك، ومن حياتِك لمَوتِك) [2595] أخرجه البخاري (6416). .
قال ابنُ المُلَقِّنِ: (قولُه: «وخُذْ من صِحَّتِك لمَرَضِك»: حَضٌّ على اغتنامِ صِحَّتِه؛ فيجتَهِدُ فيها لنَفسِه خوفًا من حُلولِ مَرَضٍ به يمنَعُه عن العمَلِ، وكذلك قَولُه: «ومن حياتِك لموتِك»: تنبيهٌ على اغتنامِ أيَّامِ حياتِه) [2596] ((المعين على تفهم الأربعين)) (ص: 430). .

انظر أيضا: