موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- نماذِجُ من الاحترامِ والتَّوقيرِ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم


توقيرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للكَبيرِ:
1- عن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعديِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُتِيَ بشرابٍ فشَرِب منه، وعن يمينِه غلامٌ، وعن يسارِه الأشياخُ، فقال للغُلامِ: أتأذَنُ لي أن أعطيَ هؤلاء؟ فقال الغلامُ: واللَّه يا رسولَ اللَّهِ لا أوثِرُ بنصيبي منك أحَدًا! قال: فتَلَّه -أي: وضَعَه- رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في يَدِه)) [67] أخرجه البخاري (5620) واللفظ له، ومسلم (2030). . فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استأذن الغلامَ في أن يبدأَ بالأشياخِ توقيرًا لهم وتقديرًا لسِنِّهم، لكِنَّه مع ذلك لمَّا امتنع الغلامُ احترم حقَّه؛ لأنَّه كان على اليمينِ، والأيمَنُ في الشُّربِ ونحوِه يُقَدَّمُ وإن كان صغيرًا أو مفضولًا؛ لذا أعطاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الشَّرابَ.
2- روت عائشةُ أمُّ المُؤمِنين رَضِيَ اللَّهُ عنها فقالت: ((ما رأيتُ أحَدًا أشبَهَ سَمتًا ودَلًّا وهَدْيًا برسولِ اللَّهِ في قيامِها وقُعودِها من فاطمةَ بنتِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالت: وكانت إذا دخَلَت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام إليها فقَبَّلَها وأجلَسَها في مجلِسِه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخَل عليها قامت من مجلِسِها فقبَّلَتْه وأجلسَتْه في مجلِسِها)) [68] أخرجه أبو داود (5217)، والترمذي (3872) واللفظ له مطوَّلًا. صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (6953)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (7715)، والنووي في ((الترخيص بالقيام)) (42). .
وعن سَهلِ بنِ أبي حَثمةَ، قال: ((انطلَقَ عبدُ اللهِ بنُ سَهلٍ، ومُحيِّصةُ بن مسعُود بن زيدٍ، إلى خيبرَ، وهي يومئذٍ صُلحٌ، فتفرَّقا فأتى مُحيِّصةُ إلى عبدِ اللهِ بنِ سَهلٍ وهو يتَشَحَّطُ في دَمِه قتيلًا، فدَفَنه ثُمّ قَدِم المدينةَ، فانطَلَق عبدُ الرَّحمنِ بنُ سهلٍ، ومُحيِّصةُ وحُوَيِّصةُ ابنا مسعُودٍ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذهب عبدُ الرَّحمنِ يتكلَّمُ فقال: كَبِّرْ كَبِّرْ، وهو أحدثُ القومِ، فسكتَ فتكلَّما، فقال: تحلِفُون وتستحقُّون قاتلَكُم، أو صاحِبَكم، قالوا: وكيف نحلِفُ ولم نشهَدْ ولم نَرَ؟ قال: فتُبريكُم يهُودُ بخمسينَ، فقالوا: كيف نأخُذُ أيمانَ قومٍ كُفَّارٍ، فعَقَله النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن عِندِه)) [69] أخرجه البخاري (3173) واللفظ له، ومسلم (1669). .
(«كَبِّرْ كَبِّرْ» معناه: ليتكَلَّمِ الأكبَرُ، وأكَّده بالتَّكريرِ؛ تنبيهًا على شَرَفِ السِّنِّ) [70] ((العدة في شرح العمدة)) لابن العطار (3/ 1412). .

انظر أيضا: