موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- مِن السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


1- عن أنس بن مالك رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لمَّا عُرِج بي مرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يَخمِشونَ وُجوهَهم وصُدورَهم، فقُلتُ: مَن هؤلاء يا جِبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكُلون لحومَ النَّاسِ، ويَقَعون في أعراضِهم)) [7217] أخرجه أبو داود (4878) واللفظ له، وأحمد (13340). صحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (9/239)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4878)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (131)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (13340). ، قولُه: ((يخمِشون)) أي: يخدِشون، ولمَّا كان خَدشُ الوَجهِ والصَّدرِ من صِفاتِ النِّساءِ النَّائحاتِ، جعَله اللهُ تعالى جزاءً للواقِعِ في الأعراضِ إشعارًا بأنَّهما ليسا من صفاتِ الرِّجالِ، بل هما من صفاتِ النِّساءِ في أقبَحِ حالةٍ وأشوَهِ صُورةٍ [7218] ((الكاشف)) للطيبي (10/ 3218). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا قال الرَّجُلُ: هلك النَّاسُ فهو أهلَكُهم)) [7219] رواه مسلم (2623). ، معناه: لا يزالُ الرَّجُلُ يَعيبُ النَّاسَ ويَذكُرُ مَساويَهم حتى يكونَ أسوأَهم حالًا، ممَّا يَلحَقُه من الإثمِ في عَيبِهم والإزراءِ بهم والوقيعةِ فيهم [7220] ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 132). والمعنى المذكورُ على روايةِ الرَّفعِ على أنَّ (أهلَكُهم): أفعلُ تفضيلٍ، وأمَّا على روايةِ النَّصبِ على أنَّ (أهلَكَهم) فعلٌ ماضٍ، فالمعنى هو جَعَلهم هالكينَ لا أنهم هلكوا في الحقيقةِ. قال النوويُّ: (واتَّفق العُلَماءُ على أنَّ هذا الذَّمَّ إنما هو فيمن قاله على سبيلِ الإزراءِ على النَّاسِ واحتقارِهم وتفضيلِ نفسِه عليهم وتقبيحِ أحوالِهم؛ لأنَّه لا يعلَمُ سِرَّ اللهِ في خَلقِه، قالوا: فأمَّا من قال ذلك تحزُّنًا لِما يرى في نفسِه وفي النَّاسِ من النَّقصِ في أمرِ الدِّينِ، فلا بأسَ عليه). (شرح النووي على مُسلِم)) (16/ 175). .
3- عن سعيدِ بنِ زيدٍ رَضِيَ الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن أربى الرِّبا الاستِطالةَ في عِرْضِ المُسلِمِ بغَيرِ حَقٍّ)) [7221] أخرجه أبو داود (4876) واللفظ له، وأحمد (1651). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4876)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (3/118)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4876). ، الاستطالةُ: إطالةُ اللِّسانِ في غَيبةِ أحَدٍ أو قَذفُه أو شَتمُه، يعني: غِيبةُ النَّاسِ وقذفُهم أشَدُّ من أكلِ الرِّبا وأخذِه وإعطائِه؛ لأنَّ نفسَ المُسلِم أشرَفُ من مالِه، فإيذاءٌ يتعَلَّقُ بنفسِه أشَدُّ من ضررٍ يتعَلَّقُ بمالِه [7222] ((المفاتيح)) للمظهري (5/ 241). .
4- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: أتدرون ما الغِيبةُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: ذِكْرُك أخاك بما يَكرَهُ، قيل: أفرأَيتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتَبْتَه، وإنْ لم يكُنْ فيه فقد بهَتَّه)) [7223] أخرجه مسلم (2589). .
5- عن أبي بَكرةَ نُفَيعِ بنِ الحارِثِ رَضِيَ الله عنه: ((ذكَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَعَد على بعيرِه، وأمسَك إنسانٌ بخِطامِه أو بزِمامِه [7224] خِطامُ البعيرِ: أن يؤخَذَ حَبلٌ من ليفٍ أو شَعرٍ أو كتانٍ، فيُجعَلَ في أحدِ طَرَفيه حَلقةٌ، ثمَّ يُشَدَّ فيه الطَّرَفُ الآخرُ حتى يصيرَ كالحلقةِ، ثمَّ يقادَ البعيرُ، ثم يُثنى على مخطمِه. وأمَّا الذي يجعَلُ في الأنفِ دقيقًا فهو الزِّمامُ. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (2/ 50). ، قال: أيُّ يومٍ هذا؟ فسكَتْنا حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سيُسَمِّيه سوى اسمِه، قال: أليس يومَ النَّحرِ؟ قُلْنا: بلى، قال: فأيُّ شهرٍ هذا؟ فسَكَتْنا حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سيُسَمِّيه بغيرِ اسمهِ، فقال: أليس بذي الحِجَّةِ؟ قُلْنا: بلى، قال: فإنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم بينَكم حرامٌ كحُرمةِ يَومِكم هذا، في شَهرِكم هذا، في بَلَدِكم هذا؛ لِيُبلِّغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ)) [7225] أخرجه البخاري (67) واللفظ له، ومسلم (1679). ، العِرضُ: كُلُّ ما ذُكِر به الرَّجُلُ من نقصٍ في أحوالِه ونفسِه وسلَفِه [7226] ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (4/ 406). .
6- عن أسامةَ بنِ شَريكٍ رَضِيَ الله عنه قال: ((شَهِدتُ الأعرابَ يسألون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعلينا حَرَجٌ في كذا؟ أعلينا حَرَجٌ في كذا؟ فقال لهم: عبادَ اللهِ، وضَعَ اللهُ الحَرَجَ، إلَّا من اقتَرَض مِن عِرضِ أخيه شيئًا، فذاك الذي حَرِجَ)) [7227] أخرجه أبو داود (2015)، وابن ماجه (3436) واللفظ له. صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (486)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (5/281)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3436)، وحسَّنه البغوي في ((شرح السنة)) (6/243). .
الاقتراضُ: افتعالٌ من القَرضِ، وهو القَطعُ؛ لأنَّ المغتابَ كأنَّه يقتَطِعُ مِن عِرضِ أخيه [7228] ((الفائق في غريب الحديث)) للزمخشري (3/ 177). . وقيل: عبَّر عنها بالاقتراضِ؛ لأنَّه يُسترَدُّ منه في العُقبى [7229] ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (2/ 339). . والمعنى: أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قد وضَع عنكم الضِّيقَ في الدِّينِ وفسَح لكم، فلا حَرَج إلا فيما تنالون من أعراضِ المُسلِمين [7230] ((غريب الحديث)) لابن قتيبة (2/ 271). .

انظر أيضا: