موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ النَّميمةِ


للنَّميمةِ ثلاثةُ أقسامٍ، وهي كما يلي:
1- النَّميمةُ المحرَّمةُ:
هي نَقلُ الكلامِ بَيْنَ النَّاسِ على جهةِ الإفسادِ والإيقاعِ بَيْنَهم، دونَ وُجودِ مَصلَحةٍ شَرعيَّةٍ في نَقلِ الكلامِ.
2- النَّميمةُ الواجِبةُ أو المُستحَبَّةُ:
وهي التي تكونُ للتَّحذيرِ من شَرٍّ واقعٍ على إنسانٍ ما، فيُخبِرُ بذلك الشَّرِّ ليَحذَرَه.
وقال ابنُ الملَقِّنِ وهو يتحَدَّثُ عن النَّميمةِ: (أمَّا إذا كان فِعلُها نصيحةً في تركِ مَفسَدةٍ أو دَفعِ ضَرَرٍ، وإيصالِ خَيرٍ يتعَلَّقُ بالغيرِ، لم تكُنْ محرَّمةً ولا مكروهةً، بل قد تكونُ واجبةً أو مستحبَّةً) [7036] ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) (1/531). .
وقال النَّوويُّ عن النَّميمةِ: (فإن دَعَت حاجةٌ إليها فلا مَنْعَ منها، وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانًا يريدُ الفَتكَ به أو بأهلِه أو بمالِه، أو أخبر الإمامَ أو مَن له ولايةٌ بأنَّ إنسانًا يفعَلُ كذا ويسعى بما فيه مَفسَدةٌ، ويجِبُ على صاحِبِ الولايةِ الكَشفُ عن ذلك وإزالتُه، فكُلُّ هذا وما أشبَهَه ليس بحرامٍ، وقد يكونُ بعضُه واجبًا وبعضُه مُستحَبًّا على حَسَبِ المَواطِنِ، واللَّهُ أعلمُ) [7037] ((شرح النووي على مسلم)) (2/ 113). .
3- النَّميمةُ المباحةُ:
قد تُباحُ النَّميمةُ، ومن ذلك ما ورد أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَسَم قِسمةً، فقال رجُلٌ من الأنصارِ: ((واللَّهِ ما أراد محمَّدٌ بهذا وَجهَ اللَّهِ! فأتيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَرْتُه، فتمَعَّرَ [7038] فتمَعَّر: أي: تغَيَّرَ. يُنظَر: ((النهاية)) لابن الأثير (4/342). وجهُه، وقال: رَحِمَ اللَّهُ موسى، لقد أوذيَ بأكثَرَ من هذا فصَبَر!)) [7039] رواه البخاري (6059) واللفظ له، ومسلم (1062) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه. .
قال ابنُ بطَّالٍ: (في هذا الحديثِ من الفقهِ أنَّه يجوزُ للرَّجُلِ أن يخبِرَ أهلَ الفضلِ والسَّترِ من إخوانِه بما يُقالُ فيهم ممَّا لا يليقُ بهم؛ ليُعَرِّفَهم بذلك من يؤذيهم من النَّاسِ ويُنَقِّصُهم، ولا حرَجَ عليه في مقابلتِه بذلك وتبليغِه له. وليس ذلك من بابِ النَّميمةِ؛ لأنَّ ابنَ مسعودٍ حينَ أخبَرَ النَّبيَّ عليه السَّلامُ بقولِ الأنصاريِّ فيه وتجويرِه له في القِسمةِ، لم يقُلْ له: أتيتَ بما لا يجوزُ، ونمَمْتَ الأنصاريَّ، والنَّميمةُ حرامٌ، بل رَضِيَ ذلك عليه السَّلامُ، وجاوبه عليه بقولِه: ((يرحَمُ اللَّهُ موسى، لقد أوذيَ بأكثَرَ من هذا فصَبَر)) [7040] رواه البخاري (6336) واللفظ له، ومسلم (1062) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه. ، وإنَّما جاز لابنِ مسعودٍ نقلُ ذلك إلى النَّبيِّ عليه السَّلامُ؛ لأنَّ الأنصاريَّ في تجويرِه للنَّبيِّ عليه السَّلامُ استباح إثمًا عظيمًا، ورَكِبَ جُرمًا جسيمًا، فلم يكُنْ لحديثِه حُرمةٌ، ولم يكُنْ نَقلُه من بابِ النَّميمةِ) [7041] ((شرح صحيح البخاري)) (10/252). .

انظر أيضا: