موسوعة الأخلاق والسلوك

حادِيَ عَشَرَ: أخطاءٌ شائعةٌ في الكَذِبِ


1- كِذْبةُ إبريلَ:
يقومُ بعضُ النَّاسِ في الدُّوَلِ الغربيَّةِ في اليومِ الأوَّلِ من شَهرِ إبريلَ بإطلاقِ الأكاذيبِ، وقلَّدهم في ذلك بعضُ المُسلِمين، ويُطلِقون على من يُصَدِّقُ هذه الأكاذيبَ اسمَ (ضَحيَّةِ كِذْبةِ إبريلَ).
ويَقصِدون بفِعلِهم هذا المُزاحَ، ولا شَكَّ أنَّ هذا من الكَذِبِ الحرامِ، ويضافُ إليه أنَّه من التَّشبُّهِ بالكُفَّارِ، وقد قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من تشبَّه بقومٍ فهو منهم)) [6176] أخرجه أبو داود (4031) واللفظ له، وأحمد (5114) مطولًا من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما. صحَّحه ابن حبان كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (437)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (4/358)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4031)، وجوَّده ابنُ تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (25/331). .
قال ابنُ عُثَيمين: (أحَذِّرُ إخواني المُسلِمين ممَّا يصنَعُه بعضُ السُّفَهاءِ من كِذْبةِ إبريلَ، هذه الكِذْبةُ التي تلقَّوها عن اليهودِ والنَّصارى والمجوسِ وأصحابِ الكُفرِ، فهي مع كونِها كَذِبًا، والكَذِبُ محرَّمٌ شَرعًا؛ ففيها تشبُّهٌ بغيرِ المُسلِمين، والتَّشبُّهُ بغيرِ المُسلِمين محرَّمٌ، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من تشبَّه بقومٍ فهو منهم))، وأقلُّ أحوالِه التَّحريمُ، وإن كان ظاهِرُه يقتضي كُفرَ المتشَبِّهِ بهم، وهي مع تضمُّنِها لهذين المحظورينِ فيها إذلالٌ للمُسلِمِ أمامَ عَدُوِّه؛ لأنَّ من المعلومِ بطبيعةِ البشَرِ أنَّ المقَلَّدَ يفخَرُ على من قَلَّدَه، ويرى أنَّه أقدَرُ منه؛ ولذلك ضَعُف مُقَلِّدُه حتَّى قلَّده، فهي فيها إذلالٌ للمُؤمِنِ بكونِه ذليلًا وتبَعًا للكُفَّارِ، المحظورُ الرَّابعُ: أنَّ غالِبَ هذه الكِذْبةِ الخبيثةِ تتضَمَّنُ أكلًا للمالِ بالباطِلِ، أو ترويعًا للمُسلِمِ... وما أشبهَ ذلك من الأمورِ التي لا تجوزُ بدونِ أن تكونَ بهذه الحالِ، فعلى المُسلِم أن يتَّقيَ اللهَ سُبحانَه وتعالى، وأن يكونَ عزيزًا بدينِه فخورًا به) [6177] ((فتاوى نور على الدرب)) (12/472). .
2- الكَذِبُ الأبيضُ والأسوَدُ:
يظُنُّ بعضُ النَّاسِ أنَّ هناك كَذِبًا أبيَضَ وهو حلالٌ، وكَذِبًا أسوَدَ وهو حرامٌ، والأمرُ ليس كذلك؛ فالكَذِبُ كلُّه حرامٌ، قال ابنُ عُثَيمين: (والكَذِبُ حرامٌ، وكلَّما كانت آثارُه أسوأَ كان أشدَّ إثمًا، وليس في الكَذِبِ شيءٌ حلالًا وأمَّا ما ادَّعاه بعضُ العامَّةِ؛ حيث يقولون: إنَّ الكَذِبَ نوعانِ: أسوَدُ، وأبيضُ، فالحرامُ هو الأسودُ، والحلالُ هو الأبيضُ، فجوابُه: أنَّ الكَذِبَ كُلَّه أسودُ، ليس فيه شيءٌ أبيضُ، لكن يتضاعَفُ إثمُه بحسَبِ ما يترَتَّبُ عليه، فإذا كان يترَتَّبُ عليه أكلُ مالِ المُسلِمِ أو غَرَرٌ على مُسلِمٍ، صار أشدَّ إثمًا، وإذا كان لا يترَتَّبُ عليه أيُّ شيءٍ من الأضرارِ فإنَّه أخفُّ، ولكِنَّه حرامٌ) [6178] ((شرح رياض الصالحين)) (2/570). .

انظر أيضا: