موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


- عوتِبَ عليٌّ رَضِيَ الله عنه في لَبوسِه فقال: (إنَّ لبوسي هذا أبعَدُ من الكِبْرِ، وأجدَرُ أن يقتديَ بي المسلِمُ) [5910] رواه أحمد في ((فضائل الصحابة)) (908) مطوَّلًا، وابن أبي الدنيا في ((إصلاح المال)) (393). .
- وعن عليِّ بنِ رباحٍ اللَّخميِّ، قال: قال عمرُو بنُ العاصِ رَضِيَ الله عنه: (انتهى عجَبي عِندَ ثلاثٍ: المرءٌ يَفِرُّ من القدَرِ وهو لاقيه، والرَّجُلُ يرى في عينِ أخيه القَذاةَ فيعيبُها، ويكونُ في عينِه مِثلُ الجِذعِ فلا يعيبُه، والرَّجُلُ يكونُ في دابَّتِه الصَّعَرُ [5911] الصَّعَرُ: داءٌ يصيبُ الإبِلَ فتلتوي منه أعناقُها، وبذلك سُمِّيَ المتكبِّرُ أصعَرَ. يُنظَر: ((المخصص)) لابن سيده (2/ 218). فيُقَوِّمُها جُهدَه، ويكونُ في نفسِه الصَّعَرُ فلا يُقَوِّمُ نفسَه!) [5912] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (8/ 679)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (46/ 190). .
- وقال الحسَنُ: (إنَّ أقوامًا جعلوا الكِبْرَ في قلوبِهم، والتَّواضُعَ في ثيابِهم، فصاحبُ الكساءِ بكِسائِه أعجبُ من صاحِبِ المِطرَفِ [5913] المِطْرَفُ: رداءٌ من خَزٍّ مُرَبَّعٌ، ذو أعلامٍ. يُنظَر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص: 832). بمِطرَفِه) [5914] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((التواضع والخمول)) (66). .
- وقال أبو عثمانَ النَّيسابوريُّ: (ما ترك أحدٌ شيئًا من السُّنَّةِ إلَّا لكِبرٍ في نفسِه، ثمَّ هذا مَظِنَّةٌ لغيرِه، فينسَلِخُ القلبُ عن حقيقةِ اتِّباعِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويصيرُ فيه من الكِبْرِ وضَعفِ الإيمانِ ما يفسِدُ عليه دينَه، أو يكادُ، وهم يحسَبون أنَّهم يُحسِنون صُنعًا) [5915] ذكره ابن تَيميَّةَ في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/120). .
- وقال الأحنَفُ بنُ قَيسٍ: (عَجَبًا لابنِ آدَمَ يتكَبَّرُ وقد خرج من مجرى البولِ مرَّتين!) [5916] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((التواضع والخمول)) (201) واللفظ له، وأبو بكر الدينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (2163)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (24/328). .
- وقال محمَّدُ بنُ الحُسَينِ بنِ عليٍّ: (ما دخل قلبَ امرئٍ شيءٌ من الكِبْرِ قطُّ إلَّا نقص من عقلِه بقدرِ ما دخَل من ذلك قَلَّ أو كَثُر) [5917] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((التواضع والخمول)) (226) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/180). .
- وسُئِل سَلمانُ عن السَّيِّئةِ التي لا تنفَعُ معها حَسَنةٌ، فقال: الكِبْرُ [5918] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((التواضع والخمول)) (229). .
- وقال سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ لابنِه: (يا بُنَيَّ: إيَّاك والكِبْرَ، وليَكُنْ فيما تستعينُ به على تركِه: عِلمُك بالذي منه كنتَ والذي إليه تصيرُ، وكيف الكِبْرُ مع النُّطفةِ التي منها خُلِقتَ، والرَّحِمِ التي منها قُذِفتَ، والغذاءِ الذي به غُذِيتَ؟!) [5919] ذكره ابن عبد ربه في ((العقد الفريد)) (2/197). .
- ويقولُ ابنُ تَيميَّةَ: (الكِبْرُ ينافي حقيقةَ العُبوديَّةِ كما ثبت في الصَّحيحِ: عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((يقولُ اللَّهُ: العَظَمةُ إزاري، والكِبْرِياءُ ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذَّبتُه)) [5920] رواه مسلم (2620) من حديثِ أبي سعيدٍ وأبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالا: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((العِزُّ إزارُه، والكبرياءُ رداؤه، فمَن ينازعُني عذَّبتُه)). . فالعَظَمةُ والكِبْرِياءُ من خصائصِ الرُّبوبيَّةِ، والكِبْرِياءُ أعلى من العَظَمةِ؛ ولهذا جعلها بمنزلةِ الرِّداءِ، كما جَعَل العَظَمةَ بمنزلةِ الإزارِ) [5921] ((العبودية)) (ص: 99). .
- قال الحارِثُ بنُ أسَدٍ المحاسِبيُّ: (الكِبْرُ عظيمُ الآفاتِ، عنه تَشعَّبُ أكثَرُ البَليَّاتِ، يستوجبُ به من اللهِ عزَّ وجَلَّ سرعةَ العقوبةِ والغَضَبِ؛ لأنَّ الكِبْرَ لا يحِقُّ إلَّا للهِ عزَّ وجَلَّ، ولا يليقُ ولا يصلُحُ لمن دونه؛ إذ كُلُّ مَن سواه عبدٌ مملوكٌ، وهو المليكُ الإلهُ القادرُ؛ فعَظُم عِندَ اللهِ عزَّ وجَلَّ الكِبْرُ ذنبًا؛ إذ كان لا يليقُ بغيرِه، فإذا فَعَل العبدُ ما لا يليقُ إلَّا بالمولى جلَّ وعزَّ اشتدَّ غضبُ المولى تعالى عليه... فيستحقُّ المُتكَبِّرُ أن يقصِمَه اللهُ عزَّ وجَلَّ ويحقِرَه ويُصغِّرَه؛ إذ جاز قَدرَه، وتعاطى ما لا يصلُحُ لمخلوقٍ...
ويستأهِلُ أيضًا المُتكَبِّرُ أن يزيلَ اللهُ عنه النِّعمةَ التي تكبَّرَ بها؛ لأنَّه لا يتكبَّرُ إلَّا بنعمةِ اللهِ عزَّ وجَلَّ...
ثمَّ مع ذلك أنَّه يستحقُّ من اللهِ عزَّ وجَلَّ ألَّا يُفهِّمَه العلمَ، ولا يُفَقِّهَه في الدِّينِ، ومن ذلك قولُه عزَّ وجَلَّ: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف: 146] ...
فالمُتكَبِّرُ يتعرَّضُ للمقتِ من اللهِ عزَّ وجَلَّ، وسرعةِ المعاجَلةِ بالعقوبةِ) [5922] يُنظَر: ((الرعاية لحقوق الله)) (ص: 299-301). .
- عن سفيانُ بنِ عُيينةَ، قال: (كان يقالُ: دَعِ الكِبْرَ والفخرَ، واذكُرْ طولَ الثَّواءِ [5923] الثَّواءُ: طُولُ المُقامِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (14/ 125). في القبرِ) [5924] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 283). .
- وقال أيضًا: (من كانت معصيتُه في الشَّهوةِ فارجُ له التَّوبةَ؛ فإنَّ آدمَ عليه السَّلامُ عصى مشتهيًا فغُفِر له، وإذا كانت معصيتُه في كِبرٍ فاخْشَ على صاحبِه اللَّعنةَ؛ فإنَّ إبليسَ عصى مستكبرًا فلُعِن) [5925] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 272). .
- قال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (من وُقِيَ خمسًا فقد وُقِيَ شَرَّ الدُّنيا والآخرةِ: العُجبُ، والرِّياءُ، والكِبْرُ، والإزراءُ، والشَّهوةُ) [5926] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (8/ 95). .
- قال ابنُ المعتزِّ: (لمَّا عرَف أهلُ النَّقصِ حالَهم عِندَ ذوي الكمالِ، استعانوا بالكِبْرِ، ليُعظِّمَ صغيرًا، ويرفَعَ حقيرًا، وليس بفاعلٍ) [5927] ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (444، 445). .
- عن عُقبةَ بنِ سِنانٍ، قال: قال أكثَمُ بنُ صيفيٍّ: (ليس للمختالِ في حسنِ الثَّناءِ نصيبٌ) [5928] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (14/ 196). .
- عن هلالِ بنِ العلاءِ، قال: قال ذو النُّونِ: (من تطأطأ لَقَط رُطَبًا، ومن تعالى لَقِيَ عَطَبًا) [5929] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (9/ 376). .
- قال حاتمٌ الأصَمُّ: (أصلُ المعصيةِ ثلاثةُ أشياءَ: الكِبْرُ، والحِرصُ، والحَسَدُ) [5930] ((شعب الإيمان)) للبيهقي (10/ 498). ، قال بعضُهم: (فأمَّا الكِبْرُ فقد ظهر من إبليسَ حيث أُمِر بالسُّجودِ فاستكبر حتى صار ملعونًا، وأمَّا الحرصُ فقد ظهر على آدمَ عليه السَّلامُ، حيث تناول من الشَّجرةِ؛ لكي يُخلَّدَ في الجنَّةِ، فأُخرِجَ منها، وأمَّا الحسدُ فقد ظهر على ابنِ آدَمَ، فقَتَل أخاه حتى أُدخِل النَّارَ) [5931] يُنظَر: ((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص: 223، 591). .
- قال الغزاليُّ: (وأمَّا العُجبُ والكِبْرُ والفخرُ فهو الدَّاءُ العُضالُ، وهو نظَرُ العبدِ إلى نفسِه بعينِ العِزِّ والاستعظامِ، وإلى غيرِه بعينِ الاحتقارِ والذُّلِّ، ونتيجتُه على اللِّسانِ أن يقولَ: أنا وأنا، كما قال إبليسُ اللَّعينُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف: 12] ، وثمرتُه في المجالسِ التَّرفُّعُ والتَّقدُّمُ، وطلبُ التَّصدُّرِ فيها، وفي المحاورةِ الاستنكافُ من أن يُرَدَّ كلامُه عليه، والمُتكَبِّرُ هو الذي إن وُعِظ أَنِف، أو وَعَظ عَنَّف، فكُلُّ من رأى نفسَه خيرًا من أحدٍ مِن خَلقِ اللهِ تعالى فهو مُتكَبِّرٌ) [5932] ((بداية الهداية)) (ص: 60). .
- قال أكثَمُ بنُ صيفيٍّ: (لا يَطمَعَنَّ ذو كبرٍ في حُسنِ ثناءٍ، ولا الملولُ في الإخوانِ، ولا الخِبُّ في الشَّرَفِ). وقال: (آفةُ المروءةِ الكِبْرُ، وآفةُ السَّخاءِ المنُّ، وآفةُ الرَّأيِ العُجبُ) [5933] ((أنساب الأشراف)) للبلاذري (13/ 79). .
- (قال المأمونُ: ما تكبَّرَ أحدٌ إلَّا لنقصٍ وَجَده في نفسِه، ولا تطاول إلَّا لوَهنٍ أحسَّ من نفسِه) [5934] ((محاضرات الأدباء)) للراغب (1/ 321). .
- قال الجاحظُ: (ولم تَرَ العُيونُ ولا سَمِعَت الآذانُ ولا توَهَّمَت العقولُ عَمَلًا اجتباه ذو عَقلٍ، أو اختاره ذو عِلمٍ، بأَوْبَأَ مغبَّةً، ولا أنكَدَ عاقِبةً، ولا أوخَمَ مَرعًى، ولا أبعَدَ مَهوًى، ولا أضَرَّ على دينٍ، ولا أفسَدَ لعِرضٍ، ولا أوجَبَ لسَخطِ اللَّهِ، ولا أدعى إلى مَقتِ النَّاسِ، ولا أبعَدَ مِن الفلاحِ، ولا أظهَرَ نفورًا عن التَّوبةِ، ولا أقَلَّ دَرَكًا عِندَ الحقيقةِ، ولا أنقَضَ للطَّبيعةِ، ولا أمنَعَ من العِلمِ، ولا أشَدَّ خلافًا على الحِلمِ- من التَّكبُّرِ في غيرِ مَوضِعِه، والتَّنبُّلِ في غيرِ كُنْهِه) [5935] ((الرسائل)) (4/ 178). .

انظر أيضا: