موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ليس المُؤمِنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحِشِ ولا البَذيءِ)) [5791] رواه الترمذي (1977) واللفظ له، وأحمد (3839). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (192)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (29)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1977)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (853)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (3839). .
قال ابنُ بَطَّالٍ في قَولِه: (... "ولا الفاحِشِ"، أي: فاعِلِ الفُحشِ أو قائِلِه. وفي النِّهايةِ، أي: من له الفُحشُ في كَلامِه وفِعالِه، قيلَ: أي: الشَّاتِمُ. والظَّاهِرُ أنَّ المرادَ به الشَّتمُ القَبيحُ الذي يَقبُحُ ذِكْرُه. "ولا البَذيءُ"... وهو الذي لا حَياءَ له، كما قاله بَعضُ الشُّرَّاحِ. وفي النِّهايةِ: البَذاءُ بالمدِّ: الفُحشُ في القَولِ، وهو بَذيءُ اللِّسانِ، وقد يُقالُ بالهَمزِ، وليس بكَثيرٍ. اهـ. فعلى هذا يُخَصُّ الفاحِشُ بالفِعلِ لئَلَّا يَلزَمَ التَّكرارُ، أو يُحمَلُ على العُمومِ، والثَّاني يَكونُ تَخصيصًا بَعدَ تَعميمٍ بزيادةِ الاهتِمامِ به؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ) [5792] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/230). .
- وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((استأذَن رجُلٌ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ائذَنوا له، بئس أخو العَشيرةِ، أو ابنُ العَشيرةِ! فلمَّا دخَل ألان له الكلامَ. قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، قُلْتَ الذي قلْتَ، ثُمَّ ألنْتَ له الكلامَ! قال: أيْ عائِشةُ، إنَّ شرَّ النَّاسِ مَن ترَكه النَّاسُ -أو وَدَعه النَّاسُ- اتِّقاءَ فُحشِه)) [5793] رواه البخاري (6054) واللفظ له، ومسلم (2591). .
(قال الخَطَّابيُّ: جَمعَ هذا الحَديثُ عِلمًا وأدَبًا، وليس في قَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أُمَّتِه بالأُمورِ التي يُسَمِّيهم بها ويُضيفُها إليهم من المكروه غيبةٌ، وإنَّما يكونُ ذلك من بَعضِهم في بَعضٍ، بل الواجِبُ عليه أن يُبَيِّنَ ذلك ويُفصِحَ به، ويُعرِّفَ النَّاسَ أمرَه؛ فإنَّ ذلك من بابِ النَّصيحةِ والشَّفقةِ على الأُمَّةِ، ولكنَّه لِما جُبِلَ عليه من الكَرمِ وأُعطيَه من حُسنِ الخُلُقِ، أظهَرَ له البَشاشةَ، ولم يَجْبَهْه بالمكروهِ؛ لتَقتَديَ به أُمَّتُه في اتِّقاءِ شَرٍّ من هذا سَبيلُه وفي مُداراتِه؛ ليَسلَموا من شَرِّه وغائِلَتِه) [5794] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/454). .
(وفى حديثِ عائشةَ أنَّه لا غِيبةَ في الفاسِقِ المُعلِنِ، وإن ذُكِر بقبيحِ أفعالِه. وفيه: جوازُ مُصانعةِ الفاسِقِ، وإلانةِ القولِ لمنفعةٍ تُرجى منه) [5795] ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (7/3044). .
- وعن أسامةَ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ تعالى يبغِضُ الفاحِشَ المتفَحِّشَ)) [5796] رواه ابنُ حبان (5694)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (57/249) واللفظ لهما، والطبراني (1/167) (407) بلفظِ: "البذيء" بدلًا من "المتفَحِّش" من حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما. صحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (1877)، وحسَّن إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5694)، وجوَّده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (3/150)، ووثَّق رجالَه الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/67). .
وفي لفظٍ: ((.. وإنَّ اللهَ لَيُبغِضُ الفاحِشَ البذيءَ)) [5797] أخرجه مطوَّلًا الترمذي (2002) واللفظ له، وابن حبان (5693)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (8002) من حديثِ أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه الترمذي، وابن حبان، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2002)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5693). .
("الفاحِشَ" الذي يتكَلَّمُ بما يُكرَهُ سماعُه أو من يرسِلُ لسانَه بما لا ينبغي، "البذيءَ" قال المنذِريُّ في التَّرغيبِ: البذيءُ -بالذَّالِ المُعجَمةِ ممدودًا- هو المتكَلِّمُ بالفُحْشِ ورَديءِ الكلامِ) [5798] ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (6/ 118)، ويُنظَر: ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (3/ 271). .
و("المتفَحِّشُ": الذي يتكَلَّفُ ذلك ويتعَمَّدُه) [5799] ((كشف المشكل من حديثِ الصحيحين)) لابن الجوزي (4/ 113). .
- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((... وإيَّاكم والفُحشَ؛ فإنَّ اللهَ لا يحِبُّ الفاحِشَ والمتفَحِّشَ)) [5800] أخرجه أحمد (9570)، وابن حبان (5177) واللفظ له، والحاكم (28). صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (2603)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (9570). .
- وعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((لم يكُنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سبَّابًا ولا فحَّاشًا ولا لعَّانًا، كان يقولُ لأحَدِنا عِندَ المَعتبةِ: ما له تَرِبَ جَبينُه؟! [5801] أي: خَرَّ لوجهِه فأصاب التُّرابُ جَبينَه. وهي كَلِمةٌ تجري على اللِّسانِ ولا يرادُ حقيقتُها. يُنظَر: ((أعلام الحديث)) للخطابي (3/ 2184)، ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 453). ) [5802] أخرجه البخاري (6031). .
- وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لم يكُنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاحِشًا ولا متفَحِّشًا، وكان يقولُ: إنَّ من خيارِكم أحسَنَكم أخلاقًا)) [5803] أخرجه البخاري (3559) ومسلم (2321). .
("لم يكُنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاحِشًا" ناطِقًا بالفُحْشِ، وهو الزِّيادةُ على الحَدِّ في الكلامِ السَّيِّئِ "ولا متفَحِّشًا" ولا متكَلِّفًا للفُحشِ، نفى عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قولَ الفُحْشِ والتَّفَوُّهَ به طبعًا وتكَلُّفًا) [5804] ((إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري)) للقسطلاني (6/ 31). .
- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الحياءُ من الإيمانِ، والإيمانُ في الجنَّةِ، والبَذاءُ من الجفاءِ، والجفاءُ في النَّارِ)) [5805] أخرجه الترمذي (2009)، وأحمد (2/501) (10519)، وابن حبان (2/372) (608).   قال الترمذي: (حَسَنٌ صحيحٌ)، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/348)، والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/96): (رجالُه رجالُ الصَّحيحِ)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2009)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1447). .
 ("والبَذاءُ" الفُحْشُ في القَولِ. "من الجَفاءِ" بالمدِّ، أي: الطَّردِ والإعراضِ، وتَركِه الصِّلةَ والبِرَّ [5806] ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (5/ 449). .
وقيل: ("البَذاءُ" خِلافُ الحياءِ، والنَّاشِئُ منه الفُحْشُ في القولِ والسُّوءُ في الخُلُقِ (من الجَفاءِ): وهو خلافُ البِرِّ الصَّادِرِ منه الوَفاءُ، "والجَفاءُ" أي: أهلُه التَّاركون للوفاءِ الثَّابتون على غلاظةِ الطَّبعِ وقَساوةِ القَلبِ) [5807] ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (8/ 3175). .

انظر أيضا: