موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ التَّجَسُّسِ


الأصلُ في التَّجَسُّسِ أنَّه محَرَّمٌ شَرعًا، منهيٌّ عنه، غيرَ أنَّ هناك بعضَ الصُّوَرِ قد تقتضي المصلحةُ جوازَها.
وعلى ذلك فيُمكِنُ تقسيمُ التَّجَسُّسِ إلى قِسمَينِ:
1- تجَسُّسٌ ممنوعٌ:
(ويُقصَدُ به تتَبُّعُ عَوراتِ النَّاسِ وأسرارِهم، والكَشْفُ عن مَعايبِهم؛ بدافِعِ الفُضولِ وإشباعِ غريزةِ حُبِّ الاستطلاعِ، دونَ أن يكونَ له غَرَضٌ مباحٌ؛ مِن جَلبِ منفعةٍ راجِحةٍ، أو دَفعِ مَفسَدةٍ متوَقَّعةٍ، سواءٌ أكان ذلك بالتَّطلُّعِ، أو التَّنصُّتِ والاستماعِ) [1361] ((عقوبة الإعدام دراسة فقهية مقارنة لأحكام العقوبة بالقتل في الفقه الإسلامي)) لمحمد بن سعد الغامدي (ص: 470). .
وهذا النَّوعُ من أنواعِ التَّجَسُّسِ هو الذي نصَّت الأدِلَّةُ الواضحةُ على تحريِمه؛ فـ(إنَّ الأصلَ في المُسلِمِ الطَّهارةُ والعِفَّةُ، والبراءةُ والسَّلامةُ من كُلِّ شيءٍ مَشينٍ؛ ولذا كان الأصلُ في الإسلامِ النَّهيَ عن التَّجَسُّسِ بجميعِ صُورِه وأشكالِه، سواءٌ كان تجَسُّسَ الفردِ على الفَردِ، أو الفَردِ على الدَّولةِ، أو الدَّولةِ على الدَّولةِ؛ لأنَّ التَّجَسُّسَ انتِهاكٌ لحُرمةِ المُسلِمِ، وكَشْفُ سِترِه، وقد يُسَبِّبُ الحِقدَ والبُغضَ بَيْنَ أفرادِ المجتَمَعِ المُسلِمِ، وهذا الذي يرفُضُه الإسلامُ جُملةً وتفصيلًا) [1362] ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة)) لعبد العزيز المسعود (ص: 238). .
2- تجَسُّسٌ مشروعٌ:
وأمَّا النَّوعُ الثَّاني من أنواعِ التَّجَسُّسِ، وهو التَّجَسُّسُ المشروعُ، فـيرادُ به كُلُّ تجَسُّسٍ يهدُفُ إلى مصلحةِ الدَّولةِ الإسلاميَّةِ في تعامُلِها مع أعدائِها، أو تطهيرِ المجتَمَعاتِ من أهلِ الشَّرِّ والفَسادِ، وملاحقتِهم والتَّضييقِ عليهم.
وهذا القِسمُ من أقسامِ التَّجَسُّسِ يتفاوَتُ حُكمُه التَّكليفيُّ من الوجوبِ إلى الإباحةِ، حَسَبَ ما تقتضيه المصلحةُ والضَّرورةُ؛ فهناك ما هو تجَسُّسٌ واجِبٌ: (وهو ما يكونُ طريقًا إلى إنقاذِ نَفسٍ من الهلاكِ، أو القضاءِ على الفسادِ الظَّاهِرِ؛ كاستدراكِ فواتِ حُرمةٍ من حُرُماتِ اللهِ... ووَجهُ وُجوبِه: أنَّ ذلك من ضِمنِ وسيلةِ النَّهيِ عن المُنكَرِ) [1363] ((أحكام السماع والاستماع في الشريعة الإسلامية)) لمحمد معين الدين بصري (ص: 353). . وهناك ما هو تجَسُّسٌ مُباحٌ، وهو ما عدا ذلك من الصُّوَرِ التي استثناها الشَّرعُ من التَّحريمِ، ولا تَصِلُ إلى دَرَجةِ الوُجوبِ، كالتَّجَسُّسِ على الأعداءِ لمعرفةِ عَدَدِهم وعَتادِهم وغَيرِها [1364] انظر: ((أحكام السماع والاستماع في الشريعة الإسلامية)) لمحمد معين الدين بصري (ص: 353). .

انظر أيضا: