موسوعة الأخلاق والسلوك

ثاني عشَرَ: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


الشَّرعُ هو الميزانُ:
ينبغي أن يكونَ الضَّابطُ الذي يحتَكِمُ إليه المُسلِمُ في عقائدِه وعباداتِه ومعاملاتِه وأخلاقِه وسائرِ أمورِه ما شرعه اللَّهُ سُبحانَه، لا ما يراه هو أو يستحسِنُه أو يهواه أو يوافِقُ عادةً ولو كان فيه مشقَّةٌ على النَّفسِ، فلا يعني ذلك صِحَّةَ العملِ.
 فعن ابنِ عبَّاسٍ، قال: ((بينما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، إذا هو برجُلٍ قائمٍ في الشَّمسِ، فسأل عنه؟ قالوا: هذا أبو إسرائيلَ نَذَر أن يقومَ ولا يقعُدَ، ولا يستظِلَّ ولا يتكَلَّمَ، ويصومَ، قال: مُروه فلْيتكَلَّمْ، وليَستَظِلَّ، ولْيَقعُدْ، وليُتِمَّ صَومَه)) [747] أخرجه البخاري (6704). .
قال الخطَّابيُّ: (قد تَضمَّن نذرُه نوعينِ من طاعةٍ ومعصيةٍ، فأمَره النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالوفاءِ بما كان منهما طاعةٌ، وهو الصَّومُ، وأن يترُكَ ما ليس بطاعةٍ من القيامِ في الشَّمسِ وتَركِ الكلامِ وتَركِ الاستِظلالِ بالظِّلِّ؛ وذلك لأنَّ هذه الأمورَ مَشاقُّ تُتعِبُ البَدَنَ وتؤذيه، وليس في شيءٍ منها قُربةٌ إلى اللَّهِ سُبحانَه، وقد وُضِعَت عن هذه الأمَّةِ الآصارُ والأغلالُ التي كانت على مَن قَبلَهم) [748] ((معالم السنن)) (4/ 59). .
بيانُ العُلَماءِ لِما فيه غُلُوٌّ وإفراطٌ:
فالحُكمُ على عَمَلٍ من الأعمالِ بأنَّ فيه إفرطًا وغلُوًّا، أو على شخصٍ من الأشخاصِ بأنَّه مُفرِطٌ أو مُغالٍ: لا يَقدِرُ عليه إلَّا العُلَماءُ الذين يُدرِكون حدودَ هذا العمَلِ، وتبَحَّروا في علومِ العقائدِ وفروعِها؛ لأنَّ الحُكمَ على الشَّيءِ فرعٌ مِن تصَوُّرِه، فقد يكونُ الأمرُ مشروعًا ويوصَفُ صاحبُه بالغُلُوِّ، فأنت ترى من يَصِفُ الملتَزِمين بشَرعِ اللَّهِ المتمَسِّكين بالكِتابِ والسُّنَّةِ، بالغُلُوِّ والتَّطرُّفِ والإفراطِ ونَحوِها [749] يُنظَر: ((الوسطية في القرآن الكريم)) لمحمد علي الصلابي (ص: 50). !
الإفراطُ في الفَرَحِ والسُّرورِ والضَّحِكِ:
قيل: السُّرورُ إذا أفرَطَ أبكى [750] ((ثمار القلوب في المضاف والمنسوب)) للثعالبي (ص: 665). .
وقال ابنُ حزمٍ: (نجِدُ الفَرَحَ إذا أفرَطَ قَتَل، ... والضَّحِكَ إذا كَثُر واشتَدَّ أسال الدَّمعَ من العينَينِ) [751] ((طوق الحمامة)) (ص: 106). .

انظر أيضا: