موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- نماذِجُ من النَّظافةِ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم


- اهتمامُه بطِيبِ رائحتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
عن جابِرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (صلَّيتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الأُولى [9363] يعني: الظُّهرَ. يُنظَر: ((شرح النووي على مسلم)) (15/ 85). ، ثمَّ خرج إلى أهلِه وخرَجْتُ معه، فاستقبَلَه وِلدانٌ، فجعَل يمسَحُ خَدَّيْ أحَدِهم واحدًا واحدًا، قال: وأمَّا أنا فمَسَح خَدِّي، قال: فوجَدْتُ ليَدِه بردًا أو ريحًا كأنَّما أخرَجَها من جُؤنةِ [9364] الجُؤنةُ بالضَّمِّ: التي يُعَدُّ فيها الطِّيبُ ويُحرَزُ. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (1/318). عطَّارٍ) [9365] أخرجه مسلم (2329). .
وعن أبي جُحيفةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالهاجرةِ إلى البطحاءِ، فتوضَّأ ثمَّ صلَّى الظُّهرَ ركعتَينِ، والعَصرَ ركعتينِ، وبينَ يَدَيه عَنَزةٌ، كان يمُرُّ مِن ورائِها المرأةُ، وقام النَّاسُ فجعلوا يأخُذون يديه فيَمسَحون بها وُجوهَهم، قال: فأخذتُ بيَدِه فوضَعْتُها على وَجهي فإذا هي أبرَدُ من الثَّلجِ وأطيَبُ رائحةً من المِسكِ!) [9366] أخرجه البخاري (3553). .
وعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (ما شَمِمتُ عَنبرًا قَطُّ ولا مِسكًا ولا شيئًا أطيَبَ من ريحِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [9367] أخرجه البخاري (3561)، ومسلم (2330) واللفظ له. .
قال النَّوويُّ: (في هذه الأحاديثِ بيانُ طِيبِ ريحِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو مما أكرَمَه اللهُ تعالى، قال العُلَماءُ: كانت هذه الرِّيحُ الطَّيِّبةُ صِفتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإن لم يمَسَّ طِيبًا، ومع هذا فكان يستعمِلُ الطِّيبَ في كثيرٍ من الأوقاتِ؛ مُبالغةً في طِيبِ ريحِه لملاقاةِ الملائكةِ، وأخذِ الوحيِ الكريمِ، ومجالسةِ المُسلِمين) [9368] ((شرح النووي على مسلم)) (15/85). .
- اهتمامُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بطِيبِ رائحةِ فَمِه الشَّريفِ واستعمالُه للسِّواكِ حتَّى آخِرِ لحظاتِ عُمُرِه المبارَكِ:
عن حُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام من اللَّيلِ يَشوصُ فاه بالسِّواكِ) [9369] أخرجه البخاري (245) واللفظ له، ومسلم (255). .
وعن المِقدامِ بنِ شُرَيحٍ عن أبيه، قال: (سألتُ عائشةَ، قُلتُ: بأيِّ شيءٍ كان يبدأُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسِّواكِ) [9370] أخرجه مسلم (253). .
وعن أبي عَمرٍو ذَكوانَ مولى عائشةَ، أنَّ عائشةَ كانت تقولُ: (إنَّ مِن نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم توفِّيَ في بيتي، وفي يومي، وبينَ سَحْري ونَحْري، وأنَّ اللهَ جمَع بَيْنَ ريقي وريقِه عِندَ موتِه: دخل عليَّ عبدُ الرَّحمنِ وبيَدِه السِّواكُ، وأنا مُسنِدةٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرأيتُه ينظُرُ إليه، وعرَفتُ أنَّه يحِبُّ السِّواكَ، فقُلتُ: آخذُه لك؟ فأشار برأسِه: أنْ نَعَمْ، فتناوَلْتُه، فاشتَدَّ عليه، وقلتُ: أليِّنُه لك؟ فأشار برأسِه: أنْ نَعَمْ، فليَّنْتُه) [9371] أخرجه البخاري (4449) واللفظ له، ومسلم (2443) مختصرًا بنحوِه. .
- اهتِمامُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بنظافةِ أعضائِه، وتخصيصُ يَدِه اليُمنى لوُضوئِه ومَطعَمِه، واليُسرى لخلائِه:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (كانت يدُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اليُسرى لخَلائِه، وما كان من أذًى، وكانت اليُمنى لوُضوئِه ولمَطعَمِه) [9372] أخرجه أبو داود (33)، وأحمد (26285) واللفظ له. صحَّحه النووي في ((المجموع)) (2/108)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (33)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/ 144)، وشعيب الأرناؤوط بطُرُقِه وشواهده في تخريج ((مسند أحمد)) (26285). .
- حِرصُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُصَلِّيَ بنفسِه على من كان يتولَّى تنظيفَ المسجدِ:
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ امرأةً سوداءَ كانت تَقُمُّ المسجِدَ -أو شابًّا- ففَقَدها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأل عنها -أو عنه- فقالوا: مات، قال: أفلا كنتُم آذنْتُموني [9373] آذَنْتُموني، أي: أعلَمْتُموني. يُنظَر: ((شرح النووي على مسلم)) (7/ 26). ، قال: فكأنَّهم صغَّروا أمرَها -أو أمرَه- فقال: دُلُّوني على قَبرِه. فدَلُّوه، فصلَّى عليها، ثمَّ قال: إنَّ هذه القُبورَ مملوءةٌ ظُلمةً على أهلِها، وإنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ ينوِّرُها لهم بصلاتي عليهم)) [9374] أخرجه البخاري (1337)، ومسلم (956) واللفظ له. .
قال ابنُ هُبَيرةَ: (تَقُمُّ: تَكنُسُ، والقُمامةُ: الكُناسةُ، وفي هذا الحديثِ ما يحُثُّ على تنظيفِ المساجِدِ وكنسِها، وإخراجِ ما يؤذي منها حتى ما يُقذي العينَ) [9375] ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) (7/188). .

انظر أيضا: