موسوعة الأخلاق والسلوك

رابعَ عَشَرَ: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


- العَلاقةُ بَيْنَ المُروءةِ والعقلِ:
سُئِل بعضُ الحُكَماءِ عن العَلاقةِ بَيْنَ العقلِ والمُروءةِ، فقال: (العقلُ يأمُرُك بالأنفَعِ، والمُروءةُ تأمُرُك بالأجمَلِ) [8500] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص: 325). .
وقال صالِحُ بنُ جناحٍ اللَّخميُّ: (اعلَمْ أنَّ العقلَ أميرٌ، وأنَّ الأدَبَ وزيرٌ، فإن لم يكُنْ وزيرٌ ضَعُف الأميرُ، وإن لم يكُنْ أميرٌ بَطَل الوزيرُ، وإنَّما مَثَلُ العَقلِ والأدَبِ كمَثَلِ الصَّيقَلِ [8501] الصَّيقَلُ: من يَصنَعُ السُّيوفَ ويَشحَذُها والجَمعُ صياقِلُ وصياقِلةٌ. يُنظَر: ((المصباح المنير)) للفيومي (1/345). والسَّيفِ؛ فإنَّ الصَّيقلَ إذا أُعطيَ السَّيفَ أخذَه فصَقَله فعاد جمالًا ومالًا وعَضُدًا ليُعتَمَدَ عليه، ويُلتجأَ إليه؛ فالصَّيقلُ الأدَبُ، والسَّيفُ العقلُ، فإذا وَجَد الأدبُ عَقلًا نفَعَه ووفَّقَه وقوَّاه وسَدَّده، كما يَصنَعُ الصَّيقَلُ بالسَّيفِ، وإذا لم تجِدْ عقلًا لم تعمَلْ شيئًا؛ لأنَّه لا يُصلِحُ إلَّا ما وجَد) [8502] ((الأدب والمروءة)) (ص: 21). .
مُروءةُ السَّفَرِ والحَضَرِ:
قال ربيعةُ بنُ أبي عبدِ الرَّحمنِ: (للسَّفَرِ مُروءةٌ، وللحَضَرِ مُروءةٌ؛ فأما المُروءةُ في السَّفَرِ فبَذلُ الزَّادِ، وقِلَّةُ الخِلافِ على الأصحابِ، وكَثرةُ المُزاحِ في غيرِ مَساخِطِ اللهِ، وأمَّا المُروءةُ في الحَضَرِ فالإدمانُ إلى المساجِدِ، وتلاوةُ القرآنِ، وكثرةُ الإخوانِ في اللهِ عزَّ وجَلَّ) [8503] ((التمهيد)) لابن عبد البر (23/178). .
انقسامُ الفضائِلِ بَيْنَ الكَرَمِ والمُروءةِ:
كُلُّ كَرَمٍ ومُروءةٍ فضيلةٌ، وليس كُلُّ فضيلةٍ كَرَمًا ومُروءةً، بل تنقَسِمُ الفضائِلُ مع الكَرَمِ والمُروءةِ إلى أربعةِ أقسامٍ:
1- القِسمُ الأوَّلُ: ما يدخُلُ من الفضائِلِ في الكَرَمِ والمُروءةِ: كالعَفوِ، والعفَّةِ، والأمانةِ.
2- والقِسمُ الثَّاني: ما يدخُلُ في الكَرَمِ ولا يدخُلُ في المُروءةِ: كالحَمدِ، والرَّحمةِ، والحَمِيَّةِ، والبَذلِ، والمساعدةِ.
3- والقِسمُ الثَّالثُ: ما يدخُلُ في المُروءةِ ولا يدخُلُ في الكَرَمِ: كعُلوِّ الهِمَّةِ، وحُسنِ المعاشَرةِ، ومراعاةِ المنازِلِ والملابِسِ.
4- والقِسمُ الرَّابعُ: ما لا يدخُلُ في الكَرَمِ ولا المُروءةِ: كالشَّجاعةِ، والصَّبرِ على الشِّدَّةِ.
فاجتَمَع الكرَمُ والمُروءةُ في بعضِ الفضائِلِ، وافترقا في بعضِها؛ فصار الكَرَمُ أعَمَّ من المُروءةِ في بعضِ الفضائِلِ، والمُروءةُ أعَمَّ من الكَرَمِ في بعضِ الفضائِلِ، فلم يتعيَّنْ عمومُ أحَدِهما وخُصوصُ الآخَرِ، وإن تناسَبَ ما مُيِّز به أحدُهما [8504] يُنظَر: ((تسهيل النظر وتعجيل الظفر)) للماوردي (ص: 30، 31). .
ممَّا يخِلُّ بتَمامِ المُروءةِ:
قالوا: (لا تَتِمُّ المُروءةُ وصاحِبُها ينظُرُ في الدَّقيقِ الحقيرِ، ويعيدُ القولَ ويُبدِئُه في الشَّيءِ النَّزْرِ الذي لا مَرَدَّ له ظاهِرٌ، ولا جدوى حاضِرةٌ) [8505] ((الإمتاع والمؤانسة)) لأبي حيان التوحيدي (1/342). .

انظر أيضا: