موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ المُروءةِ وبعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ المُروءةِ والفُتُوَّةِ:
قد يظُنُّ ظانٌّ أنَّ المُروءةَ والفُتُوَّةَ شَيءٌ واحدٌ لا يختَلِفانِ في معناهما، وليس ذلك بصحيحٍ، بل بَيْنَهما فرقٌ واضحٌ، وهو أنَّ المُروءةَ أعمُّ من الفُتُوَّةِ، فالمُروءةُ هي ما يتخَلَّقُ به الإنسانُ ممَّا يختَصُّ به في ذاتِه، أو يتعدَّى إلى غيرِه، بينما الفتُوَّةُ ما يتخَلَّقُ به الإنسانُ، ويكونُ متعَدِّيًا إلى غيرِه.
قال ابنُ القَيِّمِ في التَّفريقِ بَيْنَهما: (المُروءةُ أعَمُّ منها؛ فالفُتُوَّةُ نوعٌ من أنواعِ المُروءةِ؛ فإنَّ المُروءةَ استعمالُ ما يَجمُلُ ويَزينُ ممَّا هو مختصٌّ بالعبدِ، أو متعَدٍّ إلى غيرِه، وتَركُ ما يُدَنِّسُ ويَشينُ ممَّا هو مختصٌّ أيضًا به، أو متعلِّقٌ بغيرِه، والفتُوَّةُ إنَّما هي استعمالُ الأخلاقِ الكريمةِ مع الخَلقِ) [8365] ((مدارج السالكين)) (2/340). .
الفَرْقُ بَيْنَ المُروءةِ والكَرَمِ:
(الكَرَمُ والمُروءةُ... قرينانِ في الفَضلِ، ومتشاكِلانِ في العَقلِ، والفَرْقُ بَيْنَهما مع التَّشاكُلِ من وجهَينِ:
أحدُهما: أنَّ الكَرَمَ: مراعاةُ الأحوالِ، أن يكونَ على أنفَعِها وأفضَلِها، والمُروءةُ: مراعاةُ الأحوالِ، أن يكونَ على أحسَنِها وأجمَلِها.
والوَجهُ الثَّاني: أنَّ الكَرَمَ ما تعدَّى نفعُه إلى غيرِ فاعِلِه. والمُروءةُ: قد تَقِفُ على فاعِلِها ولا تتعدَّى إلى غيرِه، فإن استعمَلَها في غيرِه مازَجَت الكرَمَ، ولم ينفَرِدْ بالمُروءةِ، وصار بالاجتماعِ أفضَلَ، وإن افتَرَقا كان الكَرَمُ أفضَلَ لتعدِّي نفعِه، وتعدِّي النَّفعِ أفضَلُ.
وليس واحدٌ من الكَرَمِ والمُروءةِ خُلُقًا مُفرَدًا، ولكِنَّه يشتَمِلُ على أخلاقٍ يصيرُ مجموعُها كرَمًا ومُروءةً) [8366] ((تسهيل النظر وتعجيل الظفر)) للماوردي (ص: 28). .
الفَرْقُ بَيْنَ المُروءةِ والرُّجولةِ:
(أنَّ قولَنا: رجُلٌ، يفيدُ القُوَّةَ على الأعمالِ؛ ولهذا يُقالُ في مَدحِ الإنسانِ: إنَّه رجُلٌ، والمرءُ يفيدُ أنَّه أدَبُ النَّفسِ؛ ولهذا يُقالُ: المُروءةُ أدبٌ مخصوصٌ) [8367] ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 249). .
الفَرْقُ بَيْنَ المُروءةِ والشَّهامةِ:
إذا كانت المُروءةُ كما ذكَرناها من قَبلُ هي: (قوَّةٌ للنَّفسِ مبدَأٌ لصُدورِ الأفعالِ الجميلةِ عنها المستَتبِعةِ للمَدحِ شَرعًا وعَقلًا وعُرفًا) [8368] ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 210). ؛ فإنَّ الشَّهامةَ هي: (عزَّةُ النَّفسِ وحِرصُها على مباشَرةِ أمورٍ عظيمةٍ تَستتبِعُ الذِّكرَ الجميلَ) [8369] ((المعجم الوسيط)) (ص: 498). ، فكأنَّ المُروءةَ مُقَدِّمةٌ للشَّهامةِ ومبدؤُها.

انظر أيضا: