موسوعة الأخلاق والسلوك

حاديَ عَشَرَ: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


- مُداراةُ الأعداءِ لا تُغني عن الحَذَرِ منهم:
قال الماوَرديُّ: (وليس -وإن كان بتألُّفِ الأعداءِ مأمورًا، وإلى مقاربتِهم مندوبًا- ينبغي أن يكونَ لهم راكِنًا، وبهم واثِقًا، بل يكونُ منهم على حَذَرٍ، ومن مَكرِهم على تحرُّزٍ؛ فإنَّ العداوةَ إذا استحكَمَت في الطِّباعِ صارت طبعًا لا يستحيلُ، وجِبِلَّةً لا تزولُ، وإنَّما يستكفي [8327] استكفاه الشَّيءَ: سأله أن يكفيَه إيَّاه. يُنظر: ((شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم)) لنشوان الحميري (9/ 5871). بالتَّألُّفِ إظهارَها، ويَستدفِعُ به أضرارَها، كالنَّارِ يُستدفَعُ بالماءِ إحراقُها، ويُستفادُ به إنضاجُها، وإن كانت مُحرِقةً بطَبعٍ لا يزولُ وجوهَرٍ لا يتغَيَّرُ) [8328] ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 182). .
- مُداراةُ من تصعُبُ مُداراتُه:
قال ابنُ الجَوزيِّ: (من الابتلاءِ العظيمِ إقامةُ الرَّجُلِ في غيرِ مَقامِه، مِثلُ أن يُحوَجَ الرَّجلُ الصَّالحُ إلى مُداراةِ الظَّالمِ والتَّردُّدِ إليه، وإلى مخالطةِ من لا يَصلُحُ، وإلى أعمالٍ لا تليقُ به، أو إلى أمورٍ تقطَعُ عليه مرادَه الذي يؤثِرُه، مثلُ أن يقالَ للعالِمِ: تردَّدْ إلى الأميرِ وإلَّا خِفْنا عليك سَطوتَه! فيتردَّدُ، فيرى ما لا يصلُحُ له، ولا يمكِنُه أن يُنكِرَ، أو يحتاجُ إلى شيءٍ من الدُّنيا -وقد مُنِع حَقَّه- فيحتاجُ إلى أن يُعرِّضَ بذكرِ ذلك، أو يصرِّحَ لينالَ بعضَ حَقِّه، ويحتاجُ إلى مُداراةِ من تَصعُبُ مُداراتُه، بل يتشَتَّتُ همُّه لتلك الضَّروراتِ) [8329] ((صيد الخاطر)) (ص: 302). .
- المُداراةُ تحتاجُ إلى حِكمةٍ وذَكاءٍ:
يقولُ صالحُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ حُمَيدٍ: (قد يكونُ للتَّنوُّعِ في طبَقاتِ النَّاسِ تنوُّعٌ في مُداراتِهم؛ فمُداراةُ المنحَرِفِ عن الحَقِّ لسُوءِ فَهمٍ أو خطَأٍ في ظَنٍّ: أكبَرُ من مُداراةِ من يحارِبُ الحقَّ والفضيلةَ إن صادفك واقتضى الحالُ مداراتَه. ومُداراةُ من يُرجى رُشدُه وصلاحُه أكبَرُ من مُداراةِ من شَبَّ متماديًا في الانحرافِ ولؤمِ الطَّبعِ حتى يوشِكَ أن ينقَطِعَ أملُك في إصلاحِه واستقامةِ أمرِه، ومِن كُلِّ ذلك تعرِفُ أنَّ المُداراةَ مَسلَكٌ كريمٌ يُتقِنُه الحُكماءُ والأذكياءُ، ولا يتعدَّى حدودَه الفُضلاءُ) [8330] ((مفهوم الحكمة في الدعوة)) (ص: 53-54) .

انظر أيضا: