موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ليس الشَّديدُ بالصُّرَعةِ، إنَّما الشَّديدُ الذي يملِكُ نفسَه عندَ الغَضَبِ)) [7998] رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609). .
قال النَّوَويُّ: (فيه كَظمُ الغَيظِ، وإمساكُ النَّفسِ عندَ الغَضَبِ عن الانتِصارِ والمُخاصَمةِ والمُنازَعةِ) [7999] ((شرح النووي على مسلم)) (16/162). .
قال المُناويُّ: (..."ليس الشَّديدُ بالصُّرَعةِ"، بضَمٍّ ففَتحٍ: مَن يصرَعُ النَّاسَ كَثيرًا، أي: ليس القَويُّ مَن يقدِرُ على صَرعِ الأبطالِ مِن الرِّجالِ، "إنَّما الشَّديدُ" على الحَقيقةِ "الذي يملِكُ نفسَه عندَ الغَضَبِ"، أي: إنَّما القويُّ حَقيقةً الذي كَظمَ غَيظَه عندَ ثَورانِ الغَضَبِ، وقاوَمَ نفسَه، وغَلَبَ عليها، فحُوِّل المعنى فيه مِن القوَّةِ الظَّاهِرةِ إلى الباطِنةِ) [8000] ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) (2/321). .
- عن ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما مِن جُرعةٍ أعظَمُ أجرًا عندَ اللهِ مِن جَرعةِ غَيظٍ كَظمَها عَبدٌ ابتِغاءَ وَجهِ اللهِ)) [8001] أخرجه ابن ماجه (4189) واللفظ له، وأحمد (6114). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (4189)، وأحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/415)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (733)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6114). .
والمعنى: (ما مِن جُرعةٍ أعظَمُ أجرًا عندَ اللهِ تعالى مِن جُرعةِ غَيظٍ كَظمَها عَبدٌ، مع القُدرةِ على التَّنفيذِ، شَبَّه جَرعَ غَيظِه ورَدَّه إلى باطِنِه بتَجَرُّعِ الماءِ، وهي أحَبُّ جُرعةٍ يتَجَرَّعُها العَبدُ، وأعظَمُها ثَوابًا، وأرفَعُها دَرَجةً؛ لحَبسِ نفسِه عن التَّشَفِّي، ولا يحصُلُ هذا العِظمُ إلَّا عندَ القُدرةِ على الانتِقامِ، وبكَفِّ غَضَبِه للهِ تعالى، ابتِغاءَ وجهِ اللهِ تعالى) [8002] ((فيض القدير)) للمناوي (5/476). .

انظر أيضا: