موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- نماذِجُ من غَيْرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم


- غَيرتُه على حُرُماتِ اللهِ: فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعظَمُ النَّاسِ غَيْرةً للهِ، فكان يغضَبُ إذا انتُهِكَت حُرُماتُ اللهِ؛ فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((ما انتَقَم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لنَفسِه في شيءٍ يُؤتى إليه، حتَّى يُنتَهَكَ مِن حُرُماتِ اللهِ، فينتَقِمَ للهِ)) [7145] رواه البخاري (6853) واللفظ له، ومسلم (2327) مطوَّلًا. ، والنَّماذِجُ والصُّوَرُ على غيرتِه على محارِمِ اللهِ كثيرةٌ جِدًّا.
- غَيرتُه على نسائِه: فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعدَلَ البَشَرِ غَيْرةً على نسائِه؛ فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((دَخَل عَلَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعندي رجلٌ قاعِدٌ، فاشتَدَّ ذلك عليه، ورأيتُ الغَضَبَ في وَجهِه، قالت: فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّه أخي من الرَّضاعةِ، قالت: فقال: انظُرْنَ إخوَتَكنَّ من الرَّضاعةِ؛ فإنَّما الرَّضاعةُ من المجاعةِ)) [7146] رواه البخاري (2647)، ومسلم (1455) واللفظ له. .
قال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ: (والمعنى: تأمَّلْنَ ما وقع من ذلك: هل هو رَضاعٌ صحيحٌ بشَرطِه مِن وقوعِه في زَمَنِ الرَّضاعةِ ومِقدارِ الارتِضاعِ؟ فإنَّ الحُكمَ الذي ينشَأُ من الرَّضاعِ إنَّما يكونُ إذا وقَع الرَّضاعُ المُشتَرَطُ. قال المُهَلَّبُ: معناه: انظُرْنَ ما سَبَبُ هذه الأُخُوَّةِ؛ فإنَّ حُرمةَ الرَّضاعِ إنَّما هي في الصِّغَرِ، حتَّى تَسُدَّ الرَّضاعةُ المجاعةَ) [7147] ((فتح الباري)) (9/148). .
- وعن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان عِندَها، وفي البَيتِ مخنَّثٌ، فقال المُخَنَّثُ لأخي أمِّ سَلَمةَ عبدِ اللهِ بنِ أبي أمَيَّةَ: إنْ فَتَح اللهُ لكم الطَّائِفَ غدًا أدُلُّك على بِنتِ غَيلانَ؛ فإنَّها تُقبِلُ بأربَعٍ وتُدبِرُ بثَمانٍ! فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا يَدخُلْنَ هذا عليكنَّ)) [7148] رواه البخاري (5235) واللفظ له، ومسلم (2180). .
قيل: لمَّا سَمِع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَصْفَ المخنَّثِ للمرأةِ بهذه الصِّفةِ التي تُهيمُ نُفوسَ النَّاسِ، مَنَع أن يدخُلَ عليهنَّ؛ لئلَّا يَصِفَهنَّ للرِّجالِ فيَسقُطَ معنى الحِجابِ [7149] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (7/ 361). .

انظر أيضا: