موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسِعًا: حُكمُ الصِّلةِ


صِلةُ الرَّحِمِ واجِبةٌ على الجُملةِ، وقَطعُها معصيةٌ عظيمةٌ معدودةٌ في كبائرِ الذُّنوبِ،لكِنَّ الصِّلةَ دَرَجاتٌ يتفاوتُ حُكمُها باختلافِ القُدرةِ والحاجةِ؛ فمنها الواجِبُ الذي يتعيَّنُ ويلزَمُ، ومنها ما يُستحَبُّ ويُرغَبُ فيه، وأدناها تَركُ المهاجَرةِ، وصِلتُها بالكلامِ ولو بالسَّلامِ [5945] يُنظَر: ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (8/ 20)، ((شرح النووي على مسلم)) (16/ 113)، ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) للهيتمي (2/ 123). .
قال القاضي عِياضٌ: (اختُلِف في حَدِّ الرَّحِمِ التي يجِبُ صِلَتُها؛ فقال بعضُ أهلِ العِلمِ: هي كُلُّ رَحِمٍ مَحرَميَّةٍ ممَّا لو كان أحدُهما ذَكَرًا حَرُم عليه نكاحُ الآخَرِ، فعلى هذا لا يجِبُ في بني الأعمامِ وبني الأخوالِ وبني العمَّاتِ. واستدَلَّ على قولِه بتحريمِ الجَمعِ بَيْنَ الأختينِ، والمرأةِ وعَمَّتِها وخالتِها؛ مخافةَ التَّقاطُعِ، وجوازِ ذلك بَيْنَ بني العَمِّ والخالِ. وقيل: بل هذا في كُلِّ ذي رَحِمٍ ممَّن ينطَلِقُ عليه ذلك في ذوي الأرحام في المواريثِ، محرَميًّا كان أو غيرَه) [5946] ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) (8/ 20). قال السَّفَّارينيُّ: (ومعلومٌ أنَّ الشَّرعَ لم يُرِدْ صِلةَ كُلِّ رَحِمٍ وقرابةٍ؛ إذ لو كان ذلك لوجَب صِلةُ جميعِ بني آدَمَ؛ فلم يكُنْ بُدٌّ من ضَبطِ ذلك بقرابةٍ تجِبُ صِلتُها وإكرامُها ويَحرُمُ قَطعُها، وتلك قرابةُ الرَّحِمِ المحرَمِ. وقد نصَّ عليه بقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تُنكَحُ المرأةُ على عَمَّتِها ولا على خالتِها، ولا على بِنتِ أخيها وأختِها؛ فإنَّكم إذا فعلتُم ذلك قطَعتُم أرحامَكم". قال الإمامُ ابنُ مُفلِحٍ في آدابِه الكبرى: وهذا الذي ذكَره أبو الخطَّابِ من أنَّه لا تجِبُ إلَّا صِلةُ الرَّحِمِ المَحرَمِ اختاره بعضُ العُلَماءِ. ونصَّ الإمامُ أحمدُ: تجِبُ صِلةُ الرَّحِمِ مَحرَمًا كان أو لا). ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) (1/ 353). .

انظر أيضا: