موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشرًا: حُكمُ السَّترِ


أجمَع العُلَماءُ على أنَّ مَن اطَّلَع على عيبٍ أو ذَنبٍ أو فُجورٍ لمُؤمِنٍ مِن ذَوي الهيئاتِ أو نَحوِهم ممَّن لم يُعرَفْ بالشَّرِّ والأذى، ولم يشتهِرْ بالفسادِ، ولم يكنْ داعيًا إليه؛ كأن يشرَبَ مُسكِرًا، أو يزنِيَ، أو يفجُرَ مُتخوِّفًا مُتخفِّيًا غَيرَ مُتهتِّكٍ ولا مُجاهِرٍ- يُندَبُ له أن يستُرَه، ولا يكشِفَه للعامَّةِ أو الخاصَّةِ، ولا للحاكِمِ أو غَيرِ الحاكِمِ، أمَّا مَن عُرِف بالأذى والفسادِ والمُجاهَرةِ بالفِسقِ وعَدمِ المُبالاةِ بما يرتكِبُ، ولا يكترِثُ لِما يُقالُ عنه؛ فيُندَبُ كَشفُ حالِه للنَّاسِ، وإشاعةُ أمرِه بَينَهم؛ حتَّى يتوقَّوه ويحذَروا شرَّه، بل تُرفَعُ قصَّتُه إلى وليِّ الأمرِ إن لم يُخَفْ مَفسَدةٌ أكبَرُ؛ لأنَّ السَّترَ على هذا يُطمِعُه في الإيذاءِ والفسادِ وانتِهاكِ الحُرُماتِ، وجَسارةِ غَيرِه على مِثلِ فِعلِه، فإن اشتدَّ فِسقُه ولم يرتدِعْ مِن النَّاسِ فيجِبُ ألَّا يُستَرَ عليه، بل يُرفَعُ إلى وليِّ الأمرِ حتَّى يُؤدِّبَه ويُقيمَ عليه ما يترتَّبُ على فسادِه شرعًا مِن حدٍّ أو تعزيرٍ، ما لم يُخشَ مَفسَدةٌ أكبَرُ، وهذا كُلُّه في سَترِ معصيةٍ وقعَت في الماضي وانقضَت، أمَّا المعصيةُ التي رآه عليها وهو مُتلبِّسٌ بها فتجِبُ المُبادَرةُ بإنكارِها ومَنعُه منها على مَن قدَر على ذلك، فلا يحِلُّ تأخيرُه ولا السُّكوتُ عنها، فإن عجَز لزِمه رَفعُها إلى وليِّ الأمرِ إذا لم يترتَّبْ على ذلك مَفسَدةٌ أكبَرُ [4637] ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (24/ 169). ويُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (16/135)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/220)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب الحنبلي (2/292 - 293). .

انظر أيضا: