موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِن القرآنِ الكريمِ


لقد حثَّ الإسلامُ على السَّترِ، ورغَّب فيه، واتَّخذ وسائِلَ مِن أجلِ ذلك؛ فشرَع حدَّ القَذفِ حتَّى لا يُطلِقَ كُلُّ أحدٍ لِسانَه، وكذا أمَر في إثباتِ حدِّ الزِّنا بأربعةِ شُهودٍ، ونهى عن أن يتجسَّسَ المُسلِمُ على أخيه، كما توعَّد بالعذابِ كُلَّ مَن يُشيعُ الفاحِشةَ في المُؤمِنينَ:
1- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أِلِيمٌ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النور: 19] .
قال ابنُ كثيرٍ: (أي: يختارونَ ظُهورَ الكلامِ عنهم بالقَبيحِ، لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا أي: بالحدِّ، وفي الآخِرةِ بالعذابِ) [4561] ((تفسير القرآن العظيم)) (6/29). .
والآيةُ فيها الحَثُّ على سَترِ المُؤمِنِ، وعَدمِ هَتكِه [4562] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 190). .
2- وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 12] .
عن مُجاهِدٍ في قولِه تعالى: وَلَا تَجَسَّسُوا قال: (خُذوا ما ظهَر لكم، ودَعوا ما ستَر اللهُ) [4563] ((جامع البيان)) لابن جرير الطبري (21/375). .
وقال الطَّبريُّ: (وقولُه: وَلَا تَجَسَّسُوا يقولُ: ولا يتتبَّعْ بعضُكم عَورةَ بعضٍ، ولا يبحَثْ عن سرائِرِه، يبتغي بذلك الظُّهورَ على عُيوبِه، ولكن اقنَعوا بما ظهَر لكم مِن أمرِه، وبه فاحمَدوا أو ذُمُّوا، لا على ما لا تعلمونَه مِن سرائِرِه) [4564] ((جامع البيان)) (21/375). .
قال الغَزاليُّ: (ومعنى التَّجسُّسِ ألَّا يَترُكَ عِبادَ اللهِ تحتَ سِترِ اللهِ، فيَتوصَّلُ إلى الاطِّلاعِ وهَتكِ السِّترِ حتَّى ينكشِفَ له ما لو كان مستورًا عنه كان أسلَم لقَلبِه ودينِه) [4565] ((إحياء علوم الدين)) (3/ 152). .

انظر أيضا: