موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- مِن السُّنَّةِ النَّبويَّةِ


وممَّا جاء في حضِّ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ على الزُّهدِ فيما في أيدي النَّاسِ:
1- قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ليس الغِنى عن كثرةِ العَرَضِ، ولكنَّ الغِنى غِنى النَّفسِ)) [4405] أخرجه البخاري (6446)، ومسلم (1051) من حديث أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. .
الغِنى النَّافِعُ غِنى النَّفسِ، وشِبَعُها وقلَّةُ حِرصِها، لا كثرةُ المالِ؛ لأنَّ كثيرًا ممَّن وسَّع اللهُ عليه في المالِ يكونُ فقيرَ النَّفسِ، لا يقنَعُ بما أُعطِي، فهو مُشرِفُ النَّفسِ لِما عندَ غَيرِه، والذي يستغني بالقليلِ ويقنَعُ، ولم يحرِصْ على الزِّيادةِ فيه، ولا ألحَّ في الطَّلبِ؛ فكأنَّه غَنيٌّ واجِدٌ أبدًا [4406] ((شرح البخاري)) لابن بطال (10/ 165). .
2- قال عُمرُ: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعطيني العَطاءَ، فأقولُ: أعطِه مَن هو أفقَرُ إليه منِّي، فقال: خُذْه، إذا جاءك مِن هذا المالِ شيءٌ وأنت غَيرُ مُشرِفٍ ولا سائِلٍ فخُذْه، وما لا فلا تُتبِعْه نَفسَك)) [4407] أخرجه البخاري (1473) واللفظ له، ومسلم (1045). .
أي: لا تجعَلْ نَفسَك تتحسَّرُ على فَوتِه، ولا تُعلِّقْها بطلبِ واتِّباعِ ما عندَ غَيرِك [4408] ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (3/ 579)، ((الإفصاح)) لابن هبيرة (1/ 103). .
3- وقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ هذا المالَ خَضِرةٌ حُلوةٌ، فمَن أخَذه بطِيبِ نَفسٍ بورِكَ له فيه، ومَن أخَذه بإشرافِ نَفسٍ لم يُبارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكُلُ ولا يشبَعُ)) [4409] أخرجه البخاري (6441)، ومسلم (1035) من حديثِ حكيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللهُ عنه. .
قولُه: (بإشرافِ نَفسٍ)، أي: بتطلُّعٍ وحِرصٍ وطَمعٍ، وشَرهٍ إليه، وارتِفاعٍ له، وتعرُّضٍ وطَلبٍ [4410] ((مطالع الأنوار)) لابن قرقول (6/ 36)، ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (4/ 64). .
4- قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ومَن يستعفِفْ يُعِفَّه اللهُ، ومَن يستغْنِ يُغنِه اللهُ، ومَن يتصبَّرْ يُصبِّرْه اللهُ، وما أُعطِي أحدٌ عطاءً خَيرًا وأوسَعَ مِن الصَّبرِ)) [4411] أخرجه البخاري (1496) واللفظ له، ومسلم (1053) من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه. .
وفيه: الحضُّ على الاستِغناءِ عن النَّاسِ بالصَّبرِ، والتَّوكُّلِ على اللهِ، وانتِظارِ رِزقِ اللهِ، وذلك أفضَلُ ما أُعطِيَه المُؤمِنُ [4412] ((الاستذكار)) لابن عبد البر (27/ 411). .
5- قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ليس منَّا مَن لم يتغَنَّ بالقرآنِ)) [4413] أخرجه البخاري (7527) من حديثِ أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ، مِن معانيه: لم يستغْنِ به، فلا يطمَحُ بَصرُه إلى ما عندَ النَّاسِ مِن زخارِفِ الدُّنيا، وعندَه معارِفُ المولى [4414] ((أعلام الحديث)) للخطابي (2/ 1184). .

انظر أيضا: