موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((إنَّ يهودَ أتَوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: السَّامُ [4190] السَّامُ: الموتُ. يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/135). عليكم. فقالت عائشةُ: عليكم، ولعنكم اللهُ وغَضِب اللهُ عليكم. قال: مهلًا يا عائشةُ، عليكِ بالرِّفْقِ وإيَّاكِ والعُنفَ والفُحشَ. قالت: أوَ لم تسمَعْ ما قالوا؟ قال: أو لم تسمَعي ما قُلتُ؟ ردَدْتُ عليهم فيُستجابُ لي فيهم ولا يُستجابُ لهم فيَّ)) [4191] رواه البخاري (6030) واللفظ له، ومسلم (2165). .
وفي روايةٍ: ((فقال: يا عائشةُ، إنَّ اللهَ رفيقٌ يحِبُّ الرِّفْقَ في الأمرِ كُلِّه)) [4192] البخاري (6927). .
وفي روايةٍ أخرى: قال: ((يا عائشةُ، إنَّ اللهَ رفيقٌ يحِبُّ الرِّفْقَ، ويعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعطي على العُنفِ، وما لا يُعطي على ما سِواه)) [4193] مسلم (2593). .
- وعن جريرٍ رَضِيَ الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن يُحرَمِ الرِّفْقَ يُحرَمِ الخيرَ)) [4194] رواه مسلم (2592). .
(يعني أنَّ الإنسانَ إذا حُرِمَ الرِّفْقَ في الأمورِ فيما يتصَرَّفُ فيه لنفسِه، وفيما يتصَرَّفُ فيه مع غيرِه، فإنَّه يُحرَمُ الخيرَ كُلَّه، أي: فيما تصَرَّف فيه، فإذا تصَرَّف الإنسانُ بالعُنفِ والشِّدَّةِ، فإنَّه يُحرَمُ الخيرَ فيما فعل، وهذا شيءٌ مجَرَّبٌ ومشاهَدٌ، أنَّ الإنسانَ إذا صار يتعاملُ بالعنفِ والشِّدَّةِ؛ فإنَّه يُحرَمُ الخيرَ ولا ينالُ الخيرَ، وإذا كان يتعامَلُ بالرِّفْقِ والحِلمِ والأناةِ وسَعةِ الصَّدرِ، حصل على خيرٍ كثيرٍ، وعلى هذا فينبغي للإنسانِ الذي يريدُ الخيرَ أن يكونَ دائمًا رفيقًا حتى ينالَ الخيرَ) [4195] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (3/592). .
- وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((سمعتُ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ في بيتي هذا: اللَّهُمَّ مَن وَلِيَ من أمرِ أمَّتي شيئًا فشَقَّ عليهم، فاشقُقْ عليه، ومَن وَلِيَ مِن أمرِ أمَّتي شيئًا فرَفَق بهم، فارفُقْ به)) [4196] رواه مسلم (1828). .
و(هذا من أبلَغِ الزَّواجِرِ عن المشقَّةِ على النَّاسِ، وأعظَمِ الحَثِّ على الرِّفْقِ بهم) [4197] ((شرح النووي على مسلم)) (12/ 213). .
- وعنها أيضًا رَضِيَ الله عنها عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ الرِّفْقَ لا يكونُ في شيءٍ إلَّا زانه [4198] الزَّينُ: ضِدُّ الشَّينِ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (35/162). ، ولا يُنزَعُ من شيءٍ إلَّا شانه [4199] شانه يَشينُه شَينًا: ضِدُّ زانه، أي: عابه. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (35/299). ) [4200] رواه مسلم (2594). .
- وعن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أُعطيَ حَظَّه من الرِّفْقِ فقد أعطِيَ حَظَّه من الخيرِ، ومَن حُرِم حَظَّه من الرِّفْقِ حُرِم حَظَّه من الخيرِ)) [4201] رواه الترمذي (2013) واللفظ له، وأحمد (27553) مطوَّلًا دونَ ذِكر "ومَن حُرِم...". صحَّحه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2013)، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (27553): بعضُه صحيحٌ، وبعضُه صحيحٌ لغيرِه. . (إذ به تُنالُ المطالِبُ الأُخرويَّةُ والدُّنيويَّةُ، وبفَوتِه يفوتانِ) [4202] ((فيض القدير)) للمناوي (6/75). .
- قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ رفيقٌ يحِبُّ الرِّفْقَ في الأمرِ كُلِّه)) [4203] رواه البخاري (6927) واللفظ له، ومسلم (2165) من حديثِ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها. .
وهذه النُّصوصُ التي مرَّت معنا تدُلُّ (على أنَّ الرِّفْقَ في الأمورِ، والرِّفْقَ بالنَّاسِ، واللِّينَ والتَّيسيرَ: من جواهِرِ عُقودِ الأخلاقِ الإسلاميَّةِ، وأنَّها من صفاتِ الكَمالِ، وأنَّ اللهَ تعالى من صفاتِه أنَّه رفيقٌ، وأنَّه يحبُّ من عبادِه الرِّفْقَ، فهو يوصيهم به ويرغِّبُهم فيه، ويَعِدُهم عليه عطاءً لا يعطيه على شيءٍ آخَرَ، ويُفهَمُ من النُّصوصِ أنَّ العُنفَ شَينٌ خُلقيٌّ، وأنَّه ظاهرةٌ قبيحةٌ، وأنَّ اللهَ لا يحِبُّه من عبادِه) [4204] ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (2/339). .

انظر أيضا: