موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


- عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ، عن أبيه قال: قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ وهو يخطُبُ النَّاسَ: (يا معشرَ المُسلِمين، استحيوا من اللهِ؛ فوالذي نفسي بيَدِه إنِّي لأظَلُّ حين أذهبُ إلى الغائِطِ في الفضاءِ متقَنِّعًا بثوبي؛ استِحياءً من رَبِّي عزَّ وجلَّ) [3890] أخرجه ابن المبارك في ((الزهد والرقائق)) (316). .
- عن سلمانَ قال: (إنَّ اللهَ تعالى إذا أراد بعبدٍ شَرًّا أو هَلَكةً نزَع منه الحَياءَ، فلم تَلْقَه إلَّا مَقيتًا مُمقَّتًا، فإذا كان مَقيتًا مُمقَّتًا نُزِعَت منه الرَّحمةُ فلم تَلْقَه إلَّا فَظًّا غليظًا، فإذا كان كذلك نُزِعَت منه الأمانةُ فلم تَلْقَه إلَّا خائنًا مخَوَّنًا، فإذا كان كذلك نُزِعَت رِبقةُ الإسلامِ من عُنُقِه؛ فكان لعينًا مُلَعَّنًا) [3891] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (1/ 204). .
- وقال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: (إذا نُزِع الحَياءُ من الإنسانِ نُزِع منه الخيرُ) [3892] ((مسائل الإمام أحمد - رواية أبي داود)) (ص: 379). .
- وقال طاووسٌ: (الإيمانُ عُريانٌ، ولِباسُه التَّقوى، وزينتُه الحَياءُ، ومالُه الفِقهُ) [3893] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/550). .
- وقال الماوَرْديُّ: (ليس لمَن سُلِب الحَياءَ صادٌّ عن قبيحٍ، ولا زاجِرٌ عن محظورٍ؛ فهو يُقدِمُ على ما يشاءُ، ويأتي ما يهوى) [3894] ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 247). .
-وقال ابنُ حبَّانَ: (الحَياءُ من الإيمانِ، والمؤمِنُ في الجنَّةِ، والبَذاءُ من الجَفاءِ، والجافي في النَّارِ إلَّا أن يتفضَّلَ اللهُ عليه برحمتِه فيُخَلِّصَه منه، فإذا لزِمَ المرءُ الحَياءَ كانت أسبابُ الخيرِ منه موجودةً، كما أنَّ الوَقِحَ إذا لزِمَ البذاءَ كان وجودُ الخيرِ منه معدومًا، وتواتُرُ الشَّرِّ منه موجودًا؛ لأنَّ الحَياءَ هو الحائِلُ بَينَ المرءِ وبَينَ المزجوراتِ كُلِّها، فبقوَّةِ الحَياءِ يَضعُفُ ارتكابُه إيَّاها، وبضَعفِ الحَياءِ تَقْوى مباشرتُه إيَّاها) [3895] ((روضة العقلاء)) (ص: 57، 58). .
- وقال أيضًا: (إنَّ المرءَ إذا اشتَدَّ حياؤه صان عِرضَه، ودَفَن مساويَه، ونَشَر محاسِنَه، ومن ذهب حياؤه ذهَب سرورُه، ومن ذهَب سرورُه هان على النَّاسِ ومُقِتَ، ومَن مُقِت أوذِيَ، ومن أوذِيَ حَزِن، ومَن حَزِن فقَدَ عَقلَه، ومن أصيبَ في عَقلِه كان أكثَرُ قولِه عليه لا له، ولا دواءَ لِمن لا حَياءَ له) [3896] ((روضة العقلاء)) (ص: 82). .
- وقال الجُنَيدُ: (الحَياءُ: رؤيةُ الآلاءِ ورؤيةُ التَّقصيرِ، فيتولَّدُ بينهما حالةٌ تسمَّى الحَياءَ، وحقيقتُه: خُلُقٌ يَبعَثُ على تَركِ القبائحِ، ويمنَعُ من التَّفريطِ في حقِّ صاحِبِ الحَقِّ) [3897] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/249). .
- وقال أبو عُبَيدةَ النَّاجي: سمِعتُ الحسَنَ يقولُ: (الحَياءُ والتَّكرُّمُ خَصلتانِ من خِصالِ الخيرِ، لم يكونا في عبدٍ إلَّا رفَعه اللهُ عزَّ وجَلَّ بهما) [3898] ((مكارم الأخلاق)) لابن أبي الدنيا (ص: 43). .
- وقال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (خمسٌ من علاماتِ الشَّقاءِ: القَسوةُ في القلبِ، وجمودُ العينِ، وقِلَّةُ الحَياءِ، والرَّغبةُ في الدُّنيا، وطولُ الأمَلِ) [3899] ((شعب الإيمان)) للبيهقي (10/182). .
- وقال ابنُ أبي الدُّنيا: (قيل لبَعضِ الحُكَماءِ: ما أنفَعُ الحَياءِ؟ قال: أن تستحيَ أن تسألَه ما تحِبُّ، وتأتي ما يَكرَهُ) [3900] ((التوبة)) لابن أبي الدنيا (ص: 91). .
- وقال العِزُّ بنُ عبدِ السَّلامِ: (لا يخفى ما في الحَياءِ من الحَثِّ على كُلِّ حَسَنٍ، والزَّجرِ عن كُلِّ قبيحٍ) [3901] ((شجرة المعارف والأحوال)) (ص: 93). .
- وقال ربيطُ بني إسرائيلَ: (زَينُ المرأةِ الحَياءُ، وزَينُ الحكيمِ الصَّمتُ) [3902] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص: 263). .
- وقال ابنُ عطاءٍ: (العِلمُ الأكبَرُ: الهيبةُ والحَياءُ؛ فإذا ذهَبَت الهيبةُ والحَياءُ، لم يَبْقَ فيه خيرٌ) [3903] ((الرسالة القشيرية)) للقشيري (2/367). .
- وقال ذو النُّونِ المِصريُّ: (الحَياءُ وجودُ الهَيبةِ في القَلبِ، مع وَحشةِ ما سبَق منك إلى رَبِّك تعالى) [3904] ((الرسالة القشيرية)) للقشيري (2/367-368). .
- وقال أبو عُثمانَ: (من تكلَّم في الحَياءِ ولا يستحي من اللهِ عزَّ وجَلَّ فيما يتكَلَّمُ به، فهو مُستدرَجٌ) [3905] ((الرسالة القشيرية)) للقشيري (2/368). .
- وقال الجريريُّ: (تعامَل القَرنُ الأوَّلُ من النَّاسِ فيما بينهم بالدِّينِ، حتى رقَّ الدِّينُ، ثمَّ تعامَل القَرنُ الثَّاني بالوفاءِ حتى ذهب الوفاءُ، ثمَّ تعامَل القَرنُ الثَّالثُ بالمروءةِ حتى ذهبت المروءةُ، ثمَّ تعامَل القَرنُ الرَّابعُ بالحَياءِ حتى ذهب الحَياءُ، ثمَّ صار النَّاسُ يتعاملون بالرَّغبةِ والرَّهبةِ) [3906] ((الرسالة القشيرية)) للقشيري (2/368). .
- وقال ابنُ القَيِّمِ: (على حَسَبِ حياةِ القَلبِ يكونُ فيه قوَّةُ خُلُقِ الحَياءِ، وقِلَّةُ الحَياءِ من مَوتِ القَلبِ والرُّوحِ، فكلَّما كان القلبُ أحيى كان الحَياءُ أتمَّ) [3907] ((مدارج السالكين)) (2/248). .
وقال أيضًا: (خُلُقُ الحَياءِ من أفضَلِ الأخلاقِ وأجَلِّها وأعظَمِها قَدْرًا وأكثَرِها نفعًا، بل هو خاصَّةُ الإنسانيَّةِ، فمَن لا حَياءَ فيه فليس معه من الإنسانيَّةِ إلَّا اللَّحمُ والدَّمُ وصورتُهما الظَّاهِرةُ، كما أنَّه ليس معه من الخيرِ شَيءٌ) [3908] ((مفتاح دار السعادة)) (1/277) بتصرُّفٍ يسيرٍ. .

انظر أيضا: