موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشرًا: أخطاءٌ شائعةٌ حولَ حُسنِ العِشْرةِ والجِوارِ


1- لا يقتَصِرُ اسمُ الجارِ على من يسكُنُ قريبًا من الشَّخصِ، فكُلُّ من قارب بدَنُه بدَنَ صاحبِه قيل له: جارٌ [3380] ((الأم)) للشافعي (8/ 251). .
قال الخطَّابيُّ: (العَرَبُ تُسَمِّي امرأةَ الرَّجُلِ جارتَه، وتدعو الضَّرَّتَينِ جارتينِ، وذلك لقُربِ أشخاصِهما، كالجارتَينِ المتصاقِبَتينِ في الدَّارَينِ تسكنانِهما، ومن هذا قولُ الأعشى لامرأتِه:
أجارَتَنا بِيني [3381] البَينُ: الفِراقُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 43). فإنَّكِ طالِقَهْ) [3382] ((معالم السنن)) (4/ 134). ويُنظَر: ((ديوان الأعشى)) (ص: 263). .
وعليه، فإنَّ الجارَ يشمَلُ كُلَّ شخصٍ قارب بدَنُه بدَنَ آخَرَ، سواءٌ في السَّكَنِ أو في العَمَلِ أو في الدِّراسةِ أو في المشفى أو في المواصَلاتِ، وهَلُمَّ جَرًّا.
قال العَينيُّ: (اسمُ الجارِ يشمَلُ المُسلِمَ والكافِرَ، والعبَّادَ والفاسِقَ، والصَّديقَ والعَدُوَّ، والغريبَ والبَلَديَّ، والنَّافِعَ والضَّارَّ، والقريبَ والأجنبيَّ، والأقرَبَ دارًا والأبعَدَ) [3383] ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) (22/ 108). .
وقال القُرطبيُّ: (والجيرةُ مراتِبُ بعضُها ألصَقُ من بعضٍ، أدناها الزَّوجةُ) [3384] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (5/ 185). .
2- بعضُ النَّاسِ يكونُ حَسَنَ العِشْرةِ مع النَّاسِ، فإذا دخل بيتَه كان من أسوَأِ النَّاسِ عِشْرةً! والأهلُ أحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ المعشَرِ؛ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((وخيارُكم خيارُكم لنسائِهم)) [3385] أخرجه أبو داود (4682)، والترمذي (1162)، وأحمد (2/250) (7396). قال الترمذيُّ: حَسَنٌ صحيحٌ. وصحَّحه الحاكم (1/43)، قال الهيثمي في ((المجمع)) (4/306): رواه أحمد، وفيه محمَّدُ بنُ عَمرٍو، وحديثُه حَسَنٌ، وبقيَّةُ رجالِه رجالُ الصَّحيحِ. ، وقال أيضًا: ((خيرُكم خيرُكم لأهلِه)) [3386] أخرجه الترمذي (3895)، وابن حبان (4177) واللفظ لهما، والدارمي (2260) من حديثِ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها. صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3895)، والوادعي على شرط الشيخين في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1595)، وقال الترمذي: حسنٌ غريبٌ صحيحٌ. و(في ذلك تنبيهٌ على أنَّ أعلى النَّاسِ رُتبةً في الخيرِ، وأحقَّهم بالاتِّصافِ به هو من كان خَيرَ النَّاسِ لأهلِه؛ فإنَّ الأهلَ هم الأحقَّاءُ بالبِشرِ، وحُسنِ الخُلُقِ والإحسانِ، وجَلبِ النَّفعِ ودَفعِ الضُّرِّ، فإذا كان الرَّجلُ كذلك فهو خيرُ النَّاسِ، وإن كان على العَكسِ من ذلك فهو في الجانِبِ الآخَرِ من الشَّرِّ، وكثيرًا ما يقعُ النَّاسُ في هذه الوَرطةِ، فترى الرَّجُلَ إذا لقِيَ أهلَه كان أسوأَ النَّاسِ أخلاقًا وأشجَعَهم نفسًا وأقلَّهم خيرًا، وإذا لَقِيَ غيرَ الأهلِ من الأجانِبِ لانت عريكتُه وانبسطت أخلاقُه وجادت نفسُه وكَثُر خَيرُه! ولا شَكَّ أنَّ من كان كذلك فهو محرومُ التَّوفيقِ زائغٌ عن سواءِ الطَّريقِ، نسألُ اللهَ السَّلامةَ) [3387] ((نيل الأوطار)) (6/ 245، 246). . وكان يقالُ: (من قَلَّ خيرُه على أهلِه فلا تَرْجُ خَيرَه) [3388] ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (2/189). .

انظر أيضا: