الموسوعة الفقهية

الفَرْعُ السَّادِسُ: اسْتِئْجارُ العامِلِ بحِصَّةٍ شائِعةٍ مِن النَّاتِجِ مِن العَمَلِ


يَصِحُّ اسْتِئْجارُ العامِلِ بحِصَّةٍ شائِعةٍ كالثُّلُثِ والرُّبُعِ [226] المُشاعُ: هو ما يَحْتوي على حِصَصٍ، كالنِّصفِ والرُّبعِ، والسُّدسِ والعُشرِ، وغيرِ ذلك مِن الحِصَصِ السَّاريةِ إلى كُلِّ جُزءٍ مِن أجزاءِ المالِ، مَنقولًا كان أو غيرَ مَنقولٍ، والمُشاعُ والشَّائعُ بمعنًى واحدٍ، ويُطلَقانِ أيضًا على الحِصَّةِ المشترَكَةِ بَيْنَ الشُّركاءِ غَيرِ المُقسَّمةِ. يُنظر: ((الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي)) للأزهري (ص: 162)، ((درر الحكام في شرح مجلة الأحكام)) لعلي حيدر (1/119). مِن النَّاتِجِ مِن العَمَلِ المُتعاقَدِ عليه [227] كأنْ يَسْتأجِرَ العامِلَ بأن يَعصِرَ له مِئةَ كيلو مِن الزَّيْتونِ مُقابِلَ رُبُعِه أو ثُلُثِه مِن زَيْتِ الزَّيْتونِ المَعْصورِ، أو يَسْتأجِرَه بأن يَطحَنَ له مِئةَ كيلو مِن الشَّعيرِ مُقابِلَ رُبُعِه أو ثُلُثِه مِن المَطْحونِ. ويَصِحُّ عنْدَ المالِكيَّةِ إن كانَ ما يَعمَلُ فيه مُعَيَّنًا حينَ العَقْدِ، ولا يَصِحُّ إن كانَ ما يَعمَلُ فيه مَجْهولًا حينَ العَقْدِ. ((التاج والإكليل)) للمواق (5/400)، ((منح الجليل)) لعليش (7/459). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (7/6). ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [228] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/228)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/543). ، واخْتارَه ابنُ حَزْمٍ [229] قالَ ابنُ حَزْمٍ: (جائِزٌ إعْطاءُ الغَزْلِ للنَّسْجِ بجُزءٍ مُسمًّى مِنه كرُبُعٍ أو ثُلُثٍ أو نَحْوِ ذلك، فإن تَراضَيا على أن يَنسِجَه النَّسَّاجُ معًا ويَكونا معًا شَريكَينِ فيه، جازَ ذلك، وإن أبى أحَدُهما لم يَلزَمْه، وكانَّ للنَّسَّاجِ مِن الغَزْلِ الَّذي سُمِّيَ له أجْرةٌ بمِقْدارِ ما يَنسِجُ مِن الأجْرِ حتَّى يَتِمَّ نَسْجُه، ويَستَحِقُّ جَميعَ ما سُمِّيَ له). ((المحلى)) (7/25). ، وابنُ تَيْمِيَّةَ [230] قالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ: (وكذلك إذا اسْتأجَرَه ليَطحَنَ له طَحينًا بثُلُثِه أو رُبُعِه، أو يَخبِزَ له رَغيفًا بثُلُثِه أو رُبُعِه، أو يَخيطَ له ثِيابًا بثُلُثِها أو رُبُعِها، أو يَسْقيَ له زَرْعًا بثُلُثِه أو رُبُعِه، أو يَقطِفَ له ثَمَرًا بثُلُثِه أو رُبُعِه، فهذا ومِثلُه جائِزٌ في ظاهِرِ مَذهَبِ أحْمَدَ وغَيْرِه. وكذلك إذا أعْطاه ماءَه ليَسْقيَ به قُطْنَه أو زَرْعَه، ويكونُ له رُبُعُه أو ثُلُثُه؛ فإنَّ هذا جائِزٌ أيضًا). ((مجموع الفتاوى)) (30/124). وقالَ: (الاسْتِئْجارُ: كاسْتِئْجارِ الأرْضِ للزِّراعةِ بجُزءٍ مِن زَرْعِها، وهي مَسألةُ «قَفيزِ الطَّحَّانِ». ومَن نَقَلَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه «نَهى عن قَفيزِ الطَّحَّانِ» فقدْ غَلِطَ. واسْتيفاءُ المالِ بجُزءٍ مُشاعٍ مِنه جائِزٌ في أَظهَرِ قَوْلَيِ العُلَماءِ، وإن كانَ قد عَمِلَ له على أن يُعطِيَه عِوَضًا ولم يُبَيِّنْ له ذلك، فله أيضًا أُجْرةُ المِثْلِ الَّذي جَرَتْ به العادةُ). ((مجموع الفتاوى)) (30/67). ، وابنُ القَيِّمِ [231] قالَ ابنُ القَيِّمِ: (قُلْتُ: وكذلك يَجوزُ أن يقولَ له: انْقُضْ لي هذا الزَّيْتونَ بالسُّدُسِ أو الرُّبُعِ. أو اعْصِرْه بالثُّلُثِ أو الرُّبُعِ، أو اكْسِرْ هذا الحَطَبَ بالرُّبُعِ، أو اخْبِزْ هذا العَجينَ بالرُّبُعِ، وما أَشبَهَ ذلك). ((إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)) (2/42)، ويُنظَرُ: ((إعلام الموقعين)) (2/250). ، وهو قَوْلُ كَثيرٍ مِن السَّلَفِ [232] قالَ البُخارِيُّ في -بابِ المُزارَعةِ بالشَّطْرِ ونَحْوِه-: (رأى ذلك الزُّهْريُّ، وقالَ الحَسَنُ: «لا بَأسَ أن يُجْتَنى القُطْنُ على النِّصْفِ»، وقالَ إبْراهيمُ، وابنُ سيرينَ، وعَطاءٌ، والحَكَمُ، والزُّهْريُّ، وقَتادةُ: «لا بأسَ أن يُعْطيَ الثَّوْبَ بالثُّلُثِ أو الرُّبُعِ، ونَحْوِه»). ((صحيح البُخارِيِّ)) (3/104). ، وذلك لأنَّها عَيْنٌ تُنَمَّى بالعَمَلِ عليها، فصَحَّ العَقْدُ عليها ببَعْضِ نَمائِها؛ كالشَّجَرِ في المُساقاةِ، والأرْضِ في المُزارَعةِ [233] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/228). .

انظر أيضا: