الموسوعة الفقهية

الفَرْعُ الخامِسُ: اسْتِئْجارُ العامِلِ بجُزءٍ مُعيَّنٍ مَعْلومٍ مِن النَّاتِجِ مِن العَمَلِ


يَصِحُّ اسْتِئْجارُ العامِلِ بجُزءٍ مُعيَّنٍ مَعْلومٍ مِن النَّاتِجِ مِن العَمَلِ المُتَعاقَدِ عليه [218] كأن يَسْتأجِرَ العامِلَ بأن يَعصِرَ له مِئةَ كيلو مِن الزَّيْتونِ مُقابِلَ عَشَرةِ كِيلواتٍ مِن زَيْتِ الزَّيْتونِ الَّذي عَصَرَه، أو يَسْتأجِرَه بأن يَطحَنَ له مِئةَ كيلو مِن الشَّعيرِ مُقابِلَ عَشَرةِ كِيلواتٍ مِن طَحينِ الشَّعيرِ الَّذي طَحَنَه، أو أن يَسلَخَ الشَّاةَ في مُقابِلِ جِلْدِها. وهي المَسْألةُ المَشْهورةُ عنْدَ الفُقَهاءِ بـ (قَفيزِ الطَّحَّانِ). وصَحَّحَه المالِكيَّةُ بشَرْطِ عَدَمِ اخْتِلافِه في الصِّفةِ، كأنْ يكونَ كلُّه جَيِّدًا أو رَديئًا، فإن كانَ بعضُه جَيِّدًا وبعضُه رَديئًا فلا يَصِحُّ. يُنظَرُ: ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/17)، ((منح الجليل)) لعليش (7/457). ، وهو قَوْلُ بعضِ الحَنَفِيَّةِ [219] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/192). ، ورِوايةٌ عن أحْمَدَ [220] ((الإنصاف)) للمرداوي (5/335). اخْتارَها ابنُ قُدامةَ [221] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/9)، ويُنظَرُ: ((إغاثة اللهفان)) لابن القيم (2/41). ، وابنُ تَيْمِيَّةَ [222] قالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ: (الاسْتِئْجارُ: كاسْتِئْجارِ الأرْضِ للزِّراعةِ بجُزءٍ مِن زَرْعِها، وهي مَسْألةُ «قَفيزِ الطَّحَّانِ». ومَن نَقَلَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «أنَّه نَهى عن قَفيزِ الطَّحَّانِ» فقدْ غَلِطَ. واسْتيفاءُ المالِ بجُزْءٍ مُشاعٍ مِنه جائِزٌ في أَظهَرِ قَوْلَيِ العُلَماءِ، وإن كانَ قد عَمِلَ له على أن يُعطيَه عِوَضًا ولم يُبَيِّنْ له ذلك، فله أيضًا أجْرةُ المِثلِ الَّذي جَرَتْ به العادةُ). ((مجموع الفتاوى)) (30/67). ، وابنُ القَيِّمِ [223] قالَ ابنُ القَيِّمِ: (وهو: أن يَدفَعَ حِنْطةً إلى مَن يَطْحَنُها بقَفيزٍ مِنها، أو غَزْلَه إلى مَن يَنسِجُه ثَوْبًا بجُزءٍ مِنه، أو زَيتونَه إلى مَن يَعصِرُه بجُزءٍ مِنه، ونَحْوُ ذلك ممَّا لا غَرَرَ فيه ولا خَطَرَ ولا قِمارَ ولا جَهالةَ، ولا أَكْلَ مالٍ بالباطِلِ، بل هو نَظيرُ دَفْعِ مالِه إلى مَن يَتَّجِرُ فيه بجُزءٍ مِن الرِّبْحِ، بل أَولى؛ فإنَّه قد لا يَربَحُ المالَ، فيَذهَبُ عَمَلُه مَجَّانًا، وهذا لا يَذهَبُ عَمَلُه مَجَّانًا؛ فإنَّه يَطحَنُ الحَبَّ ويَعصِرُ الزَّيْتونَ ويَحصُلُ على جُزءٍ مِنه يكونُ به شَريكًا لمالِكِه، فهو أَولى بالجوازِ مِن المُضارَبةِ). ((إعلام الموقعين)) (2/250). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الأُجْرةَ مَعْلومةٌ، ولا غَرَرَ فيها ولا خَطَرَ ولا قِمارَ، ولا أكْلَ مالٍ بالباطِلِ، فالمُؤَجِّرُ دَفَعَ حِنْطةً إلى مَن يَطحَنُها بقَفيزٍ مِنها، أو غَزْلَه إلى مَن يَنسِجُه ثَوْبًا بجُزءٍ مِنه، أو زَيتونَه إلى مَن يَعصِرُه بجُزءٍ مِنه، ونَحْوُ ذلك [224] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/250). .
ثانِيًا: لأنَّه نَظيرُ دَفْعِ مالِه إلى مَن يَتَّجِرُ فيه بجُزءٍ مِن الرِّبْحِ، بل أَولى؛ فإنَّه قد لا يَربَحُ المالَ، فيَذهَبُ عَمَلُه مَجَّانًا، وهذا لا يَذهَبُ عَمَلُه مَجَّانًا؛ فإنَّه يَطحَنُ الحَبَّ ويَعصِرُ الزَّيْتونَ ويَحصُلُ على جُزءٍ مِنه يكونُ به شَريكًا لمالِكِه، فهو أَولى بالجَوازِ مِن المُضارَبةِ [225] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/250). .

انظر أيضا: