الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: إذا كانت المَنْفعةُ المُستَأجَرُ عليها عِبادةً مَحْضةً لا يَتَعدَّى نَفْعُها


لا يَجوزُ أخْذُ الأُجْرةِ إذا كانَتِ المَنْفعةُ المُسْتأجَرُ عليها عِبادةً مَحْضةً لا يَتَعدَّى نَفْعُها للغَيْرِ كالصَّلاةِ والصَّومِ وغَيْرِهما.
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الإجْماعِ
نَقَلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ رُشْدٍ [133] قالَ ابنُ رُشْدٍ الحَفيدُ: (فما اجْتَمَعوا على إبْطالِ إجارتِه كلُّ مَنْفعةٍ كانَت لشيءٍ مُحرَّمِ العَيْنِ، كذلك كلُّ مَنْفعةٍ كانَتْ مُحرَّمةً بالشَّرْعِ، مِثلُ أجْرِ النَّوائِحِ، وأجْرِ المُغَنِّياتِ، وكذلك كلُّ مَنْفعةٍ كانت فَرْضَ عَيْنٍ على الإنْسانِ بالشَّرْعِ، مِثلُ الصَّلاةِ وغَيْرِها). ((بداية المجتهد)) (4/6). ، وابنُ قُدامةَ [134] قالَ ابنُ قُدامةَ: (وأمَّا ما لا يَتَعدَّى نَفْعُه فاعِلَه مِن العِباداتِ المَحْضةِ، كالصِّيامِ، وصَلاةِ الإنْسانِ لنَفْسِه، وحَجِّه عن نفْسِه، وأداءِ زَكاةِ نفْسِه، فلا يَجوزُ أخْذُ الأجْرِ عليها، بغَيْرِ خِلافٍ). ((المغني)) (5/413). ، وابنُ تَيْمِيَّةَ [135] قالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ: (صَلاةُ الفَرْضِ لا يَفعَلُها أحَدٌ عن أحَدٍ لا بأُجْرةٍ ولا بغَيْرِ أُجْرةٍ باتِّفاقِ الأئِمَّة؛ بل لا يَجوزُ أن يَستأجِرَ أحَدًا ليُصَلِّيَ عنه نافِلةً باتِّفاقِ الأئِمَّةِ، لا في حَياتِه ولا في مَماتِه. فكيف مَن يَسْتأجِرُ ليُصَلَّى عنه فَريضةٌ). ((مجموع الفتاوى)) (30/203). .
ثانيًا: لأنَّ ما لا تَدخُلُه النِّيابةُ، كالصَّلاةِ مِن فُروضِ الأعْيانِ، فلا يَجوزُ الاسْتِئْجارُ عليها [136] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/191). .
ثالِثًا: لأنَّ الأجْرَ عِوَضُ الانْتِفاعِ، ولم يَحصُلْ لغَيْرِه هاهنا انْتِفاعٌ، فأَشبَهَ إجارةَ الأعْيانِ الَّتي لا نَفَعَ فيها [137] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/413). .

انظر أيضا: