الموسوعة الفقهية

المَبحثُ السَّادسُ: الإقالةُ الإقالةُ: هي رفعُ العقدِ الواقعِ بيْن المتعاقِدَينِ؛ كأنْ يَشتريَ أحدٌ شيئًا من رَجلٍ، ثمَّ يَندَمَ على ذلك إمَّا لظُّهورِ الغَبنِ فيه، أو لزَوالِ حاجتِه إليه، أو لانْعدامِ الثَّمنِ، فيرُدَّ المَبيعَ على البائعِ، ويَقبَلَ البائعُ ردَّه يُنظر: ((عون المعبود مع حاشية ابن القيِّم)) (9/237) في السَّلَمِ


تَجوزُ الإقالةُ في السَّلمِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأرْبعةِ: الحَنفيَّةِ ((تبيين الحقائق)) للزَّيلَعي (4/121)، ((العناية)) للبابَرْتي (8/227). ، والمالِكيَّةِ ((الكافي)) لابن عبد البر (2/732، 733)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/426)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (5/253). ، والشَّافعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/386)، ((مغني المحتاج)) للشِّربيني (2/65). ، والحَنابِلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (5/87)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/63). ، وحُكيَ الإجْماعُ على ذلك قال ابنُ المُنذرِ: (أجمَعَ كلُّ مَن نحفَظُ عنه من أهْلِ العلمِ على أنَّ الإقالةَ في جميعِ ما أسلَمَ فيه المرءُ؛ جائزةٌ. واختَلَفوا في الإقالةِ في بعضِ السَّلَمِ) ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (6/ 109). وقال ابنُ عبدِ البرِّ: (لم يَختلِفِ العلماءُ أنَّه إذا أقالَه في جميعِ السَّلَمِ، وأخَذَ منه رأسَ مالِه في حينِ الإقالةِ؛ فإنَّه جائزٌ، وأنَّ له التَّصرُّفَ فيه كيف شاء معَه ومعَ غيرِه، إذا بانَ بما قبَضَ مِن رأسِ المالِ إلى نفْسِه) ((الاستذكار)) (6/ 388). ووردَ خلافٌ عن الحنابلةِ في روايةٍ عن أحمَدَ، يُنظَر: ((الإنصاف)) للمرداوي (5/87).
الدَّليلُ منَ السُّنَّةِ:
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((مَن أقالَ مُسلِمًا، أقالَه اللهُ عَثْرتَه يومَ القيامةِ) ) أخرَجَه أبو داود (3460)، وابن ماجهْ (2199)، واللَّفظُ له، وعبدُ الله بن أحمَدَ في ((زوائد المسنَد)) (7431). قال العُقيليُّ في ((الضعفاء الكبير)) (1/106): محفوظٌ، وصحَّحَه ابنُ حِبَّانَ في ((الصحيح)) (5030)، وابنُ حزمٍ في ((المحلَّى)) (9/3)، وابنُ دقيقٍ في ((الاقتراح)) (99)، وابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (6/556)، والسَّخاويُّ في ((المقاصد الحسنة)) (465)، والألبانيُّ في ((صحيح سُنن ابن ماجهْ)) (2199)، والوادِعيُّ في ((الصحيح المسنَد)) (1373)، وقال: على شرطِ الشَّيخينِ، وقال الشَّوْكانيُّ في ((السيل الجرَّار)) (3/139): صحَّحه جماعةٌ منَ الحفَّاظِ.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَدَ المُقيلَ بأنْ يُقيلَ اللهُ عَثْرتَه، وهذا الوَعدُ يَقتَضي المَشروعيَّةَ؛ وذلك لِمَا فيه مِن الإحْسانِ إلى المُشتَري؛ لأنَّ البَيعَ كان قد بُتَّ، فلا يَستَطيعُ المُشتَري فَسْخَه يُنظر: ((عون المعبود مع حاشية ابن القيِّم)) (9/237).

انظر أيضا: