الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ السَّادسُ: مدَّةُ ثُبوتِ خِيارِ التَّدْليسِ بالتَّصْريةِ


يَمتَدُّ خِيارُ التَّدْليسِ بالتَّصْريةِ إلى اليومِ الثَّالثِ، فإنْ لم يَرُدَّ حتَّى انقَضَت بَطَل الخِيارُ، وهو مَذهَبُ الحنابِلةِ ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/215). ، ومُقابِلُ الأصحِّ عندَ الشَّافعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/334)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/468). ، وهو اختيارُ الشَّوكانيِّ قال الشَّوكانيُّ: (قولُه: «ثلاثةَ أيَّامٍ» فيه دَليلٌ على امتدادِ الخيارِ هذا المِقدارَ، فتُقيِّدُ بهذه الرِّوايةُ الرِّواياتِ القاضيةَ بأنَّ الخيارَ بعْدَ الحلْبِ على الفوْرِ، كما في قوِله: «بعْدَ أنْ يَحلُبَها») ((نيل الأوطار)) (5/254). وابنِ عُثَيمينَ قال ابنُ عُثَيمينَ: (هذا القولُ هو المتعيِّنُ، وهو قولُ ابنِ أبي مُوسى؛ لأنَّ الحديثَ دالٌّ عليه، فإذا عَلِمَ بالتَّصْريةِ؛ فإنْ شاء ردَّ فَورًا، وإنْ شاء انتَظَر إلى اليومِ الثَّاني والثَّالثِ؛ لأنَّه -كما قال- قدْ يَختلِفُ اللَّبَنُ باختلافِ العَلَفِ، أو باختلافِ وَحشةِ البَهيمةِ وأُنسِها، أو ما أشبَهَ ذلك، والمهِمُّ ما دام أنَّ النَّصَّ قدْ ورَدَ بثَلاثةِ أيَّامٍ، فإنَّه يُؤخَذُ به) ((التعليق على الكافي)) (5/270).
الدَّليلُ مِن السُّنَّةِ:
عن أبي هُرَيرةَ: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: مَنِ ابتاعَ شاةً مُصرَّاةً فهو فيها بالخِيارِ ثَلاثةَ أيَّامٍ؛ إنْ شاء أمسَكَها، وإنْ شاء رَدَّها، ورَدَّ معها صاعًا مِن تمْرٍ )) أخرجه مسلم (1524).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذه الثَّلاثةَ قدَّرَها الشَّارعُ لمَعرفةِ التَّصْريةِ؛ فإنَّها لا تُعرَفُ قبْلَ مُضيِّها؛ لأنَّ لَبَنَها في أوَّلِ يومٍ لَبَنُ التَّصْريةِ، وفي الثَّاني يجوزُ أنْ يكونَ نقَصَ لتَغيُّرِ المكانِ، واختلافِ العَلَفِ، وكذلك الثَّالثُ، فإذا مَضَتِ الثَّلاثُ استَبانَتِ التَّصْريةُ، وثَبَت الخِيارُ على الفوْرِ، ولا يَثبُتُ قبْلَ انقضائِها يُنظر: ((الشرح الكبير)) لأبي الفرج شمس الدين ابن قُدامةَ (11/359، 360).

انظر أيضا: