الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: حُكمُ التَّدْليسِ في البَيعِ


يَحرُمُ التَّدْليسُ في البيعِ من أمثلةِ التَّدْليسِ في البيعِ: تَصريةُ الحيوانِ، والتَّصْريةُ: ترْكُ حلْبِ الحيوانِ -الغنمِ أو البقرةِ أو الناقةِ- مدَّةً؛ ليَجتمِعَ لَبنُه، فيَظهَرَ كثرةُ لَبنِه، فيَظُنَّ المشتري غَزارةَ لَبنِه، فيَزيدَ في ثَمنِه. يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/468)، ((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص: 98). ومِن أمثلتِه أيضًا: أنْ يكونَ عندَ الإنسانِ بَيتٌ قديمٌ فيدهنه حتَّى يُظهِرَه وكأنَّه جديدٌ، ومنه أن يكونَ عنده سيَّارةٌ مخدوشةٌ فيَصبُغَها حتَّى يظُنَّ الظانُّ أنَّه ليس فيها شَيءٌ. يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/305).
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ، فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا، فقالَ: ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قالَ: أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ؟! مَن غَشَّ فليْسَ مِنِّي )) أخرجه مسلم (102).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ دَلالةٌ على تَحريمِ التَّدْليسِ يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/102).
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ولا تُصَرُّوا الإبلَ والغَنمَ...)) أخرجه البخاري (2150)، ومسلم (1515) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
في هذا الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ التَّدْليسَ مُحرَّمٌ يُنظر: ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (5/143). ، وقدْ أجْمَعوا على تَحريمِ التَّصريةِ لأجْلِ الغِشِّ والخَديعةِ يُنظر: ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 350)، ((تكملة المجموع)) للسبكي (12/31)، ((عمدة القاري)) للعيني (11/272).
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على تَحريمِ التَّدْليسِ -كِتمانِ العيبِ-: ابنُ جُزَيٍّ قال ابنُ جُزَيٍّ: (... العيوب، وكِتمانُها غِشٌّ مُحرَّمٌ بإجماعٍ) ((القوانين الفقهية)) (ص 175). ، وابنُ عَرَفةَ قال ابنُ عَرَفةَ: (الغِشُّ والتدليسُ، وهو إبداءُ البائعِ ما يُوهِمُ كَمالًا في مَبيعِه كاذبًا، أو كتْمُ عَيبٍ، وهو مُحرَّمٌ إجماعًا) ((التاج والإكليل)) للمواق (4/344).

انظر أيضا: