الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: حَقُّ المكفولِ له إن كان المكفولُ عنه حاضِرًا مقدورًا عليه


اختلف العُلَماءُ في حَقِّ المكفولِ له في المُطالبةِ إن كانت الكَفالةُ بالنَّفسِ، وكان المكفولُ عنه [353] ويُطلَقُ عليه أيضًا: المكفولُ به: وهو النَّفسُ المكفولةُ. حاضِرًا مقدورًا عليه، على قولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يَحِقُّ للمكفولِ له أن يُطالِبَ الكَفيلَ إلَّا بإحضارِ المكفولِ عنه إن كان حاضِرًا مقدورًا عليه، فإذا ماطَل الكَفيلُ ولم يُحضِرْه فللحاكِمِ أن يحبِسَه، وليس له أن يُطالِبَه بما عليه من المالِ، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [354] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (4/ 148)، ((الدر المختار)) للحَصْكَفي (5/ 290). ، والشَّافِعيَّةِ [355] ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 465). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه التَزَمه بالشَّرطِ في الكَفالةِ، فيَجِبُ عليه الوفاءُ به إن طَلَبه في ذلك الوَقتِ [356] يُنظَر: ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (4/ 148). .
ثانيًا: يحبِسُه الحاكِمُ لامتناعِه بالمُماطلةِ عن إيفاءِ ما وَجَب عليه [357] يُنظَر: ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (4/ 148). .
القَولُ الثَّاني: يَحِقُّ للمكفولِ له أن يُطالِبَ الكَفيلَ بإحضارِ المكفولِ عنه، فإذا لم يُحضِرْه طالَبَه بما عليه من مالٍ أو عينٍ، إلَّا إذا اشتَرَط البراءةَ، وهذا مَذهَبُ المالِكيَّةِ [358] ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (2/794)، ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (6/66)، ((الشرح الكبير للدَّرْدير وحاشية الدسوقي)) (3/345). ، والحَنابِلةِ [359] ((كَشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (3/379)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/132)، ((مطالب أولي النُّهَى)) للرُّحَيْباني (3/320). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من السُّنَّةِ
عن أبي أُمامةَ الباهِليِّ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ في خُطبتِه عامَ حَجَّةِ الوداعِ: ((العارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ، والمِنحةُ مردودةٌ، والدَّينُ مَقضيٌّ، والزَّعيمُ غارِمٌ)) [360] أخرجه أبو داود (3565)، والتِّرْمِذي (2120) واللَّفظُ لهما، وابن ماجه (2405، 2398) مفرَّقًا باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه التِّرْمِذي، والقرطبي المفَسِّر في ((التفسير)) (6/426)، وابن المُلَقِّن في ((شرح البخاري)) (16/434)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3565)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3565). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
عُمومُ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الزَّعيمُ غارِمٌ)) [361] يُنظَر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/ 247). .
ثانيًا: لأنَّها أحَدُ نَوعَيِ الكَفالةِ، فوَجَب الغُرمُ بها، كالكَفالةِ بالمالِ [362] يُنظَر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/ 247). .
ثالثًا: لأنَّه إذا التَزَم إحضارَه على اشتراطِ البراءةِ من الدَّينِ، فلا يلزَمُه غيرُ ما التَزَمه [363] يُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/ 417). .

انظر أيضا: