الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حَقُّ المكفولِ له إن كان المكفولُ عنه غائبًا غيرَ مقدورٍ عليه


اختلَف العُلَماءُ في حَقِّ المكفولِ له في المُطالَبةِ إن كانت الكَفالةُ بالنَّفسِ، وكان المكفولُ عنه [364] ويُطلَقُ عليه أيضًا: المكفولُ به، وهو النَّفسُ المكفولةُ. غائبًا غيرَ مقدورٍ عليه، على أقوالٍ، أقواها قولانِ:
القَولُ الأوَّلُ: إن كان المكفولُ عنه غائبًا غيرَ مقدورٍ عليه فإنَّ الكَفيلَ يَغرَمُ، إلَّا إذا اشتَرَط البراءةَ [365] أضاف المالِكيَّةُ أيضًا لو ثبَت أنَّ المكفولَ به كان مُعسِرًا فلا يَغرَمُ الكفيلُ. ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [366] ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (6/68)، ((الشرح الكبير)) للدَّرْدير (3/345). ، والحَنابِلةِ [367] ((كَشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (3/379)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/132)، ((مطالب أولي النُّهَى)) للرُّحَيْباني (3/320). .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ
عن أبي أُمامةَ الباهِليِّ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ في خُطبتِه عامَ حَجَّةِ الوداعِ: ((العارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ، والمِنحةُ مردودةٌ، والدَّينُ مَقضيٌّ، والزَّعيمُ غارِمٌ)) [368] أخرجه أبو داود (3565)، والتِّرْمِذي (2120) واللَّفظُ لهما، وابن ماجه (2405، 2398) مُفرَّقًا باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه التِّرْمِذي، والقرطبي المُفَسِّر في ((التفسير)) (6/426)، وابن المُلَقِّن في ((شرح البخاري)) (16/434)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3565)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3565). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
عُمومُ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الزَّعيمُ غارِمٌ)) [369] يُنظَر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/ 247). .
القَولُ الثَّاني: إن كان المكفولُ عنه غائبًا غَيبةً مُنقَطِعةً، فلا يُكَلَّفُ الكَفيلُ إحضارَه، وإن عُرِف موضِعُه فإن كان على مسافةِ القَصرِ أو دونَها لَزِمَه إحضارُه، فإن مضَت المدَّةُ ولم يُحضِرْه حُبِس، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [370] ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/258)، ((مغني المحتاج)) للشِّرْبيني (2/205). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: إن كان غائبًا غيرَ مقدورٍ عليه فهو في حُكمِ المُعسِرِ، يجِبُ إنظارُه حتَّى يُقدَرَ عليه [371] يُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 465). .
ثانيًا: لأنَّه إن عُرِف مَوضِعُه وكان على مسافةِ القَصرِ ولم يُحضِرْه، يُحبَسُ؛ لامتناعِه وتقصيرِه بما التَزَم به [372] يُنظَر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/265)، ((مغني المحتاج)) للشِّرْبيني (2/205). .

انظر أيضا: