موسوعة التفسير

سورةُ إبراهيمَ
مقدمة السورة

أسماء السورة :

سُمِّيَتْ هذه السُّورةُ بسورةِ (إبراهيم) [1] سُمِّيَتِ السُّورةُ بذلك؛ لِتَضمُّنِها قِصَّةَ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، وما كان مِن إسكانِه ولَدَهُ إسماعيلَ بوادٍ غيرِ ذي زرْعٍ، وشُكْرِه للهِ تعالى على ما أنعَمَ عليه مِنَ الولدَينِ: إسماعيلَ وإسحاقَ. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/268). قال ابنُ عاشورٍ: (ووَجْهُ تَسْميَتِها بهذا- وإنْ كان ذِكْرُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ جَرى في كَثيرٍ مِنَ السُّورِ- أنَّها مِنَ السُّورِ ذَواتِ «الر»، وقد مُيِّزَ بَعضُها عن بَعضٍ بالإضافةِ إلى أسماءِ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ الَّتي جاءت قِصَصُهم فيها، أو إلى مَكانِ بَعثةِ بَعضِهم، وهي سُورةِ «الحِجْرِ»؛ ولذلك لم تُضَفْ سُورةُ الرَّعدِ إلى مِثْلِ ذلك؛ لأنَّها مُتميِّزةٌ بفاتِحتِها بزِيادةِ حَرْفِ مِيمٍ على ألْفٍ ولامٍ وراءٍ). ((تفسير ابن عاشور)) (13/177). وقد جاءتْ بَعضُ الآثارِ عنِ السَّلفِ فيها تَسميةُ هذه السُّورةِ بسُورةِ إبراهيمَ. يُنظر: ((الدر المنثور)) للسيوطي (5/3). .

بيان المكي والمدني:

سورةُ إبراهيمَ مكِّيَّةٌ [2] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/588)، ((تفسير الماوردي)) (3/120)، ((تفسير البيضاوي)) (3/192). ، وحُكِي الإجماعُ على كونِها مكيةً إلا آيةً منها، وقِيل: إلا آيتينِ [3] قال ابنُ الجوزي: (سورة إبراهيم وهي مكيَّةٌ مِن غيرِ خلافٍ عَلِمناه بينهم، إلَّا ما رُوي عن ابن عباس، وقتادة أنَّهما قالا: سوى آيتينِ منها، وهما قولُه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [إبراهيم: 28] والتي بعدها). ((تفسير ابن الجوزي)) (2/503). وقال الفيروزابادي: (السورةُ مكيةٌ إجماعًا، غيرَ آيةٍ واحدة: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [إبراهيم: 28] ). ((بصائر ذوي التمييز)) (1/268). .

مقاصد السورة:

مِن أهمِّ مقاصدِ هذه السورةِ:
- التذكيرُ بنِعَمِ الله على الناسِ، وتحريضُهم على شُكرِها، وتحذيرُهم مِن جُحودِها وكفرِها [4] يُنظر:  ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (7/507). .

موضوعات السورة :

من أهمِّ الموضوعاتِ التي تناولَتْها هذه السُّورةُ:
1- ذِكرُ القُرآنِ الكريمِ، وأنَّه كِتابُ هدايةٍ وبَيانٍ، وذِكرُ مُلْكِ الله سُبحانه للسَّمواتِ والأرضِ، وأنَّه أرسَلَ الرُّسُلَ بلِسانِ قَومِهم؛ لِيُبَيِّنوا لهم مُرادَ الله سُبحانَه.
2- ذِكرُ قِصَّةِ موسى عليه السَّلامُ، ونِعمةِ اللهِ على قَومِه إذ أنجاهم مِن آلِ فِرعونَ، وذكرُ أخبارِ بعضِ الأنبياءِ مع أقوامِهم، ونماذجَ مِن المحاوراتِ التي دارتْ بينَ الرسلِ وبينَ مَن أُرسِلوا إليهم، وجزاءِ اللهِ تعالى للظَّالمينَ المكَذِّبين.
3- المحاجَّةُ بين أهلِ النَّارِ الضُّعَفاءِ والذين استكبَروا، ومجادلةُ الشَّيطانِ لهم في النَّارِ، ثمَّ ذِكرُ حالِ أهلِ الجنَّةِ وما لهم من النَّعيمِ المُقيم، ثم ذِكرُ مثَلٍ لكلمتَىِ الإيمانِ والكفرِ، ثمَّ ذِكْرُ حالِ الكُفَّارِ؛ فقد بدَّلوا نِعمةَ اللهِ كُفرًا، وأحَلُّوا قَومَهم دارَ البَوارِ، وذِكرُ المؤمنينَ الذين لم يُبَدِّلوا نعمةَ اللهِ كُفرًا، وأقاموا الصَّلاةَ، وأنفَقوا ممَّا رزقهم الله سرًّا وعلانيَةً.
4- ذِكرُ بعض نِعَمِ الله تعالى على خَلقِه.
5- خبرُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ وعبادتِه لله سبحانِه وتَركِه لعبادةِ الأصنامِ، ودَعوتِه لذُرِّيَّته بسَعةِ الرِّزقِ، وتَضَرُّعه إلى اللهِ سبحانه، ثمَّ بيَّنَ مُهِمَّةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهي النِّذارةُ بيومِ القيامةِ.
6- وخُتِمت السورةُ بآياتٍ فيها مِن التحذيرِ والوعيدِ، وذِكرِ أنواعٍ مِن العذابِ مما أعدَّه للظالمين، وذَكَر سُبحانَه أنَّه في يومِ القِيامةِ يكونُ الجزاءُ، فتُجزَى فيه كلُّ نفسٍ بما كسَبَت، فهو سريعُ الحِسابِ.