الموسوعة الحديثية


- ليس الخبرُ كالمعايَنَةِ ، إِنَّ اللهَ تعالى أخبرَ موسى بما صنع قومُهُ في العجلِ ، فلَمْ يُلْقِ الألواحَ ، فلما عايَنَ ما صنعوا ، ألْقَى الألْوَاح فانكسَرَتْ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 5374 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (2447) واللفظ له، وابن حبان (6213)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (25) باختلاف يسير
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه الحِكَمَ الواقعيَّةَ في الحياةِ، وأنَّ الإنسانَ قد يَصدُرُ منه عندَ رُؤيةِ الحدثِ والفِعلِ ما لم يكُنْ يتصوَّرُه إذا حُكِيَ له نفْسُ الحدَثِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ليس الخبرُ كالمُعايَنةِ"، أي: الشَّأنُ في رُؤيةِ الحدثِ بالعينِ ليس مِثْلَ السَّماعِ عنه في اليقينِ والتَّثبُّتِ، "إنَّ اللهَ تعالى أخبَرَ مُوسى بما صنَعَ قومُه في العِجلِ"، أي: مِن عِبادتِهم له بعدَ أنْ أغْواهم السَّامريُّ، كما قال تعالى: {إِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: 58]، "فلم يُلْقِ الألواحَ"، وهي ألواحٌ مِن الحجارةِ مكتوبٌ فيها التَّوراةُ، "فلمَّا عايَنَ ما صَنَعوا"، أي: رأى بعَيْنِه فِعلَ قومِه وما أخبَرَه به اللهُ عزَّ وجلَّ، "ألْقى الألواحَ"، أي: غضِبَ ورَماها مِن يَدِه، "فانكسَرَت"، كما حكى ذلك الحقُّ في قولِه: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: 150]؛ وكان ذلك لِعِظَمِ ما هاله ممَّا أتَوه مِن المعصيةِ، فدلَّ على أنَّ المُعايَنةَ أعظَمُ مِن الخبرِ، مع أنَّه أخبَرهُ المحيطُ بكلِّ شيءٍ عِلْمًا، فلم يقَعْ منه الخبرُ كما وقعَتْ منه المعاينةُ، وفيه أنَّه يَحتمِلُ أنَّ المُرادَ: ليس أثَرُ الخبرِ عندَ المُخبَرِ كأثَرِ المعاينةِ وإنْ كانَا سواءً في قوَّةِ التَّصديقِ، لكنْ يَصدُرُ عن المعاينةِ ما لا يَصدُرُ عن الخبرِ .