الموسوعة الحديثية


- كانَ رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - يصلِّي من اللَّيلِ ثلاثَ عشرةَ ركعةً يوتِرُ من ذلكَ بخمسٍ لا يجلسُ إلَّا في آخرِهنَّ متَّفقٌ عليهِ وكحديثِ عائشةَ - رضيَ اللَّهُ عنها - أنَّهُ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - كانَ يصلِّي من اللَّيلِ تسعَ ركَعاتٍ لا يجلسُ فيها إلَّا في الثَّامنةِ فيذكرُ اللَّهَ ويحمَدُهُ ويدعوهُ ثمَّ ينهضُ ولا يسلِّمُ ثمَّ يقومُ فيصلِّي التَّاسعةَ ثمَّ يقعدُ فيذكرُ اللَّهَ ويحمدُهُ ويدعوهُ ثمَّ يسلِّمُ تسليمًا يسمِعُناهُ ثمَّ يصلِّي ركعتينِ بعدما يسلِّمُ وهوَ قاعدٌ فتلكَ إحدى عشرةَ ركعةً فلمَّا أسنَّ رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - وأخذهُ اللَّحمُ أوترَ بسبعٍ وصنعَ في الرَّكعتينِ مثلَ صُنعِهِ في الأولى وفي لفظٍ عنها فلمَّا أسنَّ رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - وأخذهُ اللَّحمُ أوترَ بسبعِ ركعاتٍ لم يجلس إلَّا في السَّادسةِ والسَّابعةِ ولم يسلِّمْ إلَّا في السَّابعةِ وفي لفظٍ صلَّى سبعَ ركعاتٍ لا يقعدُ إلَّا في آخرِهنَّ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن القيم | المصدر : أعلام الموقعين | الصفحة أو الرقم : 2/313 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ على صَلاةِ اللَّيلِ والوِتْرِ، وكان لا يَترُكُ الوِترَ مُقيمًا أو مُسافرًا.
وهذه عدَّةُ رِواياتٍ فيها بَيانُ هَدْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الوِتْرِ؛ حيثُ تقولُ عائشةُ أُمُّ المؤمنينَ رضِيَ اللهُ عنها: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي مِن اللَّيلِ"، أي: بَعضَه، "ثلاثَ عشْرةَ ركعةً، يُوتِرُ مِن ذلك بخمْسٍ"، أي: يُصلِّي خَمسَ رَكعاتٍ بِنِيَّةِ الوِترِ، "لا يَجلِسُ إلَّا في آخِرِهنَّ"، أي: كانَ لا يَجلِسُ لِلتَّشهُّدِ إلَّا في آخِرِ رَكعةٍ".
وكحَديثِ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها: "أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصلِّي مِن اللَّيلِ تِسعَ رَكَعاتٍ"، أي: يُصلِّيهنَّ مُتوالياتٍ، "لا يَجلِسُ فيها إلَّا في الثامنةِ" بعدَ الانتهاءِ منها يَجلِسُ جُلوسًا خفيفًا؛ للراحةِ والتَّشهُّدِ، "فيَذكُرُ اللهَ، ويَحمَدُه، ويَدعوهُ، ثم يَنهَضُ"، أي: يقومُ واقفًا، "ولا يُسلِّمُ، ثم يقومُ فيُصلِّي التاسعةَ، ثم يَقعُدُ فيَذكُرُ اللهَ، ويَحمَدُه، ويَدعوهُ" ويَتشهَّدُ، "ثم يُسلِّمُ تَسليمًا يُسمِعْناهُ"، أي: يُسلِّمُ تَسليمَ نِهايةَ الصلاةِ، ويَرْفَعُ صوتَه؛ لِيَسمَعَ مَن حولَه، "ثم يُصلِّي رَكْعتينِ بعْدَما يُسلِّمُ وهو قاعدٌ؛ فتلك إحدى عشْرةَ رَكعةً، فلمَّا أسَنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: كَبِرَ سِنُّه، "وأخَذَه اللَّحمُ"، أي: ملَأَ اللَّحمُ جسَدَه وثَقُلَ، "أوتَرَ بسَبْعٍ"، أي: قلَّلَ عدَدَ الرَّكعاتِ إلى سبْعٍ فقطْ، "وصنَعَ في الرَّكعتينِ مِثلَ صُنعِه في الأُولى"، أي: يُصلِّي رَكعتينِ وهو جالسٌ بعدَ الانتهاءِ مِن صلاةِ السَّبعِ رَكَعاتٍ.
"وفي لَفظٍ عنْها"، أي: وفي رِوايةٍ أُخرى عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، قالت: "فلمَّا أسَنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخَذَه اللَّحمُ، أوتَرَ بسَبْعِ رَكَعاتٍ، لم يَجلِسْ إلَّا في السادسةِ" للتَّشهُّدِ الأوَّلِ، "والسابعةِ، ولم يُسلِّمْ إلَّا في السابعةِ" بعدَ التَّشهُّدِ الثاني والانتهاءِ مِن الرَّكعةِ السابعةِ.
"وفي لَفظٍ: صلَّى سبْعَ رَكَعاتٍ، لا يَقعُدُ إلَّا في آخِرِهنَّ"، فيَتشهَّدُ تَشهُّدًا واحدًا ويُسلِّمُ. وذلك كلُّه راجِعٌ إلى اختلافِ حالاتِه، وأغْلَبُها: إحْدَى عَشْرةَ؛ وقد تَعدَّدَتِ صِفةُ وِتْرِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن حيثُ كَيفيَّةُ أدائِها وعدَدُ ركَعاتِها، ومِن مَجموعِها يتَبيَّنُ أنَّ الوِتْرَ يكونُ بواحدةٍ، وبثَلاثٍ، وبخَمْسٍ، وبسَبعٍ، وبتِسعٍ، وبإحْدى عشْرةَ، فإن أوتَرَ بثَلاثٍ فله صِفَتانِ كِلْتاهما مَشروعةٌ؛ الأُولى: أنْ يَسرُدَ الثَّلاثَ بتَشهُّدٍ واحدٍ، والثَّانيةُ: أنْ يُسلِّمَ مِن ركعَتَينِ ثمَّ يُوتِرَ بواحدةٍ.
أمَّا إذا أوتَرَ بخَمسٍ أو بسَبعٍ فإنَّها تَكونُ متَّصِلةً، ولا يتَشهَّدُ إلَّا تَشهُّدًا واحدًا في آخِرِها ويُسلِّمُ، كما في هذا الحديثِ. وأمَّا إذا أوتَرَ بتِسعٍ فإنَّها تكونُ متَّصِلةً، ويَجلِسُ للتَّشهُّدِ في الثَّامنةِ، ثمَّ يَقومُ ولا يُسلِّمُ، ويتَشهَّدُ في التَّاسعةِ ويُسلِّمُ. وإنْ أوتَرَ بإحْدى عشْرةَ، فإنَّه يُسلِّمُ مِن كلِّ ركعتَينِ، ويُوتِرُ منها بواحدةٍ.
وفي الحَديثِ: ما كان عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الاجتهادِ في قِيامِ اللَّيلِ.
وفيه: أنَّ صَلاةَ الوِترِ ليستْ مُختصَّةً بِرَكعةٍ واحِدةٍ.
وفيه: مَشروعيَّةُ وَصْلِ ركَعاتِ الوِترِ الثلاثِ، أو الخمْسِ، أو السَّبْعِ بِتَشهُّدٍ واحدٍ .