الموسوعة الحديثية


- خيرُ أمَّتي القرنُ الَّذي أنا فيهم ثمَّ الثَّاني ثمَّ الثَّالثُ ثمَّ ينشَأُ قومٌ تسبِقُ أيمانُهم شهادتَهم يشهدونَ من غيرِ أن يُستَشهدوا لهم لغَطٌ في أسواقِهم
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : الشوكاني | المصدر : در السحابة | الصفحة أو الرقم : 24 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات | التخريج : أخرجه ابن أبي خيثمة في ((تاريخه)) (3649)، والبزار (248)، والطيالسي (32) باختلاف يسير.
صَحابةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ همْ أفضَلُ المُسلمينَ وأفضلُ النَّاسِ بعدَ الأنبياءِ والمُرسَلينَ؛ لأنَّهم صَحِبوا النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَوضَّحَ لهمْ أُمورَ الدِّينِ وأخَذُوه عنه مُباشرةً؛ فهم أفضَلُ النَّاسِ عِلمًا بسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَقاصدِ التَّشريعِ، وعلى أَيديهمْ فُتِحتِ البِلادُ ونُشِرَ الدِّينُ في أرجاءِ المَعمورةِ، ثمَّ أَخَذَ التَّابِعون العِلمَ مِنهمْ وتابَعوا مَسيرةَ الجِهادِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "خيرُ أُمَّتي القَرنُ الَّذي أنا فيهم"، والمُرادُ به: عَصْرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه رضِيَ اللهُ عنهم، "ثمَّ الثَّاني"، أي: عصْرُ التَّابعينَ، "ثمَّ الثَّالثُ"، وهو عصرُ أتْباعِ التَّابعين، وهكذا إلى أنْ يَتباعدَ الزَّمانُ عنْ زَمانِ النُّبوَّةِ، فيَبعُدونَ عن الهَدْيِ النَّبويِّ والسُّنَّةِ وصَحيحِ الدِّينِ شيئًا فَشيئًا. قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ثمَّ يَنشَأُ قَومٌ تَسبِقُ أيمانُهم شَهادتِهم، يَشهَدون مِن غيرِ أنْ يُستشْهَدوا"، أي: يأتي زَمانٌ يتهَاونُ فيه النَّاسُ في أمْرِ الدِّينِ بعدَ أنْ كانوا يَخافونَ مِن الشُّبُهاتِ، وهو كِنايةٌ عن كَثرةِ شَهادةِ الزُّورِ وكثرةِ اليمينِ، فيَشْهَدونَ دُون أنْ تُطلَبَ منهمُ الشَّهادةُ؛ استِهْانةً واستِخفافًا وليسَ مِن بابِ الحِرصِ على إيصالِ الحُقوقِ لأصحابِها، وكذلكَ يُقسِمونَ بالأيْمانِ دونَ أنْ تُطلَبَ منهم، "لهم لَغَطٌ في أسواقِهم"، واللَّغطُ: صَوتٌ وضَجَّةٌ لا يُفهَمُ مَعناها. وقيل: هو الكَلامُ الَّذي لا يَبِينُ.
وفي الحَديثِ: إشارةٌ إلى لُزومِ اتِّباعِ سَبيلِ القُرونِ الثَّلاثةِ الأُولى؛ فإنَّ مَن قَرُبَ زَمنُه مِن زَمنِ النُّبوَّةِ فهو أَوْلى بالفضْلِ والعِلمِ والتَّأسِّي والاقتِداءِ بهَدْيِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: ذَمُّ التَّساهُلِ في أُمورِ الشَّهاداتِ والأَيْمانِ.