الموسوعة الحديثية


- ما سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرخصُ في شيءٍ من الكذبِ إلا في ثلاثٍ كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: لا أعدُّه كاذبًا الرجلُ يصلحُ بين الناسِ يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا الإصلاحَ ، والرجلُ يقولُ في الحربِ ، والرجلُ يحدثُ امرأتَه ، والمرأةُ تحدثُ زوجَها.
الراوي : أم كلثوم بنت عقبة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4921 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4921) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9124)، وأحمد (27275).
الكَذِبُ من الأخْلاقِ الذَّميمَةِ التي نَهَى عنها الإسلامُ، وحَذَّرَ منها؛ لأنَّ المُؤمِنَ لا يكونُ كَذَّابًا، ولكنَّ بَعضَ الأحْوالِ يُطلَبُ فيها التَّورِيَةُ أو المُداراةُ، وتَصريحُ الشَّخصِ بما يُرضي الطَّرَفَ الآخَرَ؛ لِرعايَةِ مَصلَحَةٍ، أو دَرءِ مَفسَدَةٍ، أو التَّخلُّصِ من عَدوٍّ، والتَّحايُلِ عليه كما يُبيِّن هذا الحديث، وفيه تقولُ أُمُّ كُلثومٍ بِنتُ عُقبَةَ رضي الله عنها: «ما سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرَخِّصُ في شَيءٍ من الكَذِبِ»؛ لأَنَّ الكَذِبَ حَرامٌ، «إلَّا في ثَلاثٍ»، أي: رخَّصَ به في ثَلاثِ حالاتٍ، «كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا أعُدُّه كاذِبًا»، أي: لأنَّه لا يَتكَلَّم بالكَذبِ المُطلَق، بَل يَتَحايَلُ لِتمْريرِ أمْرٍ فيه مَصلَحَةٍ ودَفعُ ضَررٍ، وهذه الأحْوالُ هي: الأُولى: «الرَّجُلُ يُصلِحُ بين النَّاسِ؛ يَقولُ القَولَ ولا يُريدُ به إلا الإصْلاحَ»، أي: يقول قَولًا لم يَحْدُثْ ولكنْ فيه تَرضِيَةٌ لأطْرافِ النِّزاعِ، فيَنمِي من أحَدِهِما إلى صاحِبِه خَيرًا، وإنْ لم يَأذَن له فيه يُريدُ بذلك الإصْلاحَ. الثانية: «والرَّجلُ يَقولُ في الحَربِ»، له أنْ يَكذِبَ أو يُصرِّحَ بِغير الحَقيقَةِ؛ فَيُظهِرَ من نَفسِه قُوَّةً، ويَتحَدَّثَ بما يَشحَذُ به هِمَّةَ أصْحابِه، ويَكيدَ به عَدُوَّهم، أو يَكذِبَ على العَدُوِّ ليَخْدَعَه؛ فالحَربُ خُدعَةٌ. الثَّالِثة: «والرَّجلُ يُحدِّثُ امْرأتَه، والمَرأَةُ تُحدِّثُ زَوجَها»؛ فَيُظْهِرُ كُلٌّ مِنهُما للآخَرِ ما يَستَصْلِحُه به من إظْهارِ مَزيدِ المَحَبَّة بأكثَرَ مما في نَفْسِه؛ لِيسْتديمَ الوُدَّ، ويَستصْلِحَ به الخَلقَ.
وفي الحديثِ: إباحةُ الكَذِبِ بقَدْرِه في بعضِ الأحوالِ؛ لِمَا فيه مِن المَصلحةِ.
وفيه: بيانُ الأحوالِ التي يُباحُ فيها استخدامُ التوريةِ والمعاريضِ بالكَذبِ.
وفيه: أنَّ استِرضاءَ أحدِ الزَّوجينِ للآخَرِ بما لَيسَ فيه لا يُعدُّ مِن الكَذبِ، بل هو لحِفظِ العِشرةِ واستمرارِ الحياةِ( ).