الموسوعة الحديثية


- قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ: لا هِجْرَةَ ولَكِنْ جِهَادٌ ونِيَّةٌ، وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 3077 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (3077) واللفظ له، ومسلم (1353)
كانتِ الهِجرةُ في بِدايةِ الإسلامِ إلى المَدينةِ فَرْضًا على كُلِّ مُسلِمٍ؛ لِيُقاتِلَ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ حتَّى تَكونَ كَلِمةُ اللهِ هي العُلْيا، فلَمَّا فَتَحَ اللهُ مَكَّةَ في السَّنةِ الثامِنةِ مِنَ الهِجرةِ، وكَسَرَ شَوكةَ صَناديدِ قُرَيشٍ، ودَخَلَ النَّاسُ في دِينِ اللهِ أفواجًا، وأظهَرَ اللهُ المُسلِمينَ على عَدُوِّهم؛ لم تَلزَمِ النَّاسَ الهِجرةُ بعْدَ ذلك، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ فَتحِ مَكَّةَ: «لا هِجرةَ، ولكِنْ جِهادٌ ونِيَّةٌ، وإذا استُنفِرتُمْ فانفِرُوا»، فلم يَبْقَ سِوى نِيَّةِ الجِهادِ المَفروضِ على المُسلِمينَ عِندَ نُزولِ العَدُوِّ، أو إرادةِ الفَتحِ؛ فالهِجرةُ وَجَبتْ لِمَعنَيَيْنِ؛ أحَدُهما: نُصرةُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّه كان في قِلَّةٍ، فوَجَبَ على النَّاسِ النَّفيرُ إليه لِنَصرِه على أعدائِه، والآخَرُ: لِاقتِباسِ العِلمِ وفَهْمِ الدِّينِ، وكان أعظَمُ المَخُوفِ عليهم مَكَّةَ، فلَمَّا فُتِحتْ مَكَّةُ أمِنَ المُسلِمونَ، وانتَشَرَ الدِّينُ، فقيلَ لِلنَّاسِ: قدِ انقَطَعتِ الهِجرةُ وبَقيَتْ نِيَّةُ المُجاهَدةِ؛ ولذلك قال لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وإذا استُنفِرْتم فانفِروا»، أي: كونوا مُستَعِدِّينَ، فإذا دُعِيتُم إلى جِهادِ عَدُوٍّ فأجِيبوا.
وتَضمَّنَ الحَديثُ بِشارةً مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ مَكَّةَ ستَستَمِرُّ دارَ إسلامٍ أبَدًا؛ لِأنَّه نَفى أنْ يَكونَ هناك هِجرةٌ بعْدَ فَتحِها، وهذا يَدُلُّ على أنَّها لنْ تَعودَ دارَ كُفرٍ مَرَّةً أُخرى؛ إذِ الهِجرةُ لا تَكونُ إلَّا مِن دارِ الكُفرِ.