الموسوعة الحديثية


- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ دخلَ مَكَّةَ في عُمرةِ القضاءِ ، وعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ يَمشي بينَ يديهِ وَهوَ يقولُ : خلُّوا بَني الكفَّارِ عن سبيلِهْ . . . اليومَ نضربُكُم على تنزيلِهْ ضربًا يزيلُ الهامَ عن مقيلِهْ . . . ويُذهلُ الخليلَ عن خليلِهْ . فقالَ لَهُ عمرُ : يا ابنَ رواحةَ ، بينَ يدَي رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، وفي حرَمِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ تقولُ الشِّعرَ ؟ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : خلِّ عنهُ ، فلَهوَ أسرَعُ فيهم من نَضحِ النَّبلِ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 2873 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (2873) واللفظ له، وأخرجه الترمذي (2847) باختلاف يسير
عُمرةُ القضاءِ هي العُمرةُ الَّتي قَضاها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعدَ عامٍ مِن صُلحِ الحُديبيَةِ، وهو العامُ الَّذي استَأمنَتْه قُريشٌ حتَّى يَدخُلَ مكَّةَ ويَعتَمِرَ، وكانت في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهجرةِ، فأقام لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في مكَّةَ ثلاثةَ أيَّامٍ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم دخَل مكَّةَ في عُمرَةِ القضاءِ وعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ" وكان مِن الشُّعراءِ، "بينَ يدَيه يَمْشي"، أي: يمشي أمامَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وهو يَقولُ"، أي: يُنشِدُ شِعرًا يُخاطِبُ الكفَّارِ بقولِه: ... "خَلُّوا بَني الكُفَّارِ عن سَبيلِه"، أي: تنَحُّوا وابتَعِدوا عن طريقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم. "اليومَ نَضرِبْكم على تَنزيلِه"، أي: نُقاتِلُكم على تَنزيلِ القرآنِ حتَّى تُسلِموا، وقيل: بل المرادُ بالتَّنزيلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ودُخولُه لمكَّةَ. ... "ضَربًا يُزيلُ الهامَ عن مُقيلِه"، أي: إنَّه يُسخِنُ فيهم المقاتَلةَ حتَّى تَزولَ رُؤوسُهم مِن مَواضِعِ نَومِهم الَّذي يَكونُ بالنَّهارِ وهو الَّذي يُسمَّى بالقيلولةِ، والهامَةُ: الرَّأسُ. "ويُذهِلُ الخليلَ عن خَليلِه"، أي: يُبعِدُ الصَّديقَ عن صَديقِه مِن شدَّةِ التَّعبِ. ... فقال عُمرُ بنُ الخطَّابِ لعبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: "يا ابنَ رَواحَةَ، بينَ يدَيْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وفي حرَمِ اللهِ تَقولُ الشِّعرَ؟! "، أي: يُنكِرُ على ابنِ رَواحةَ قولَه الشِّعرَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِعُمرَ: "خَلِّ عنه يا عُمرُ"، أي: اترُكْه يَقولُ في الكفَّارِ الشِّعرَ؛ "فلَهِي أسرَعُ فيهم مِن نَضْحِ النَّبْلِ"، أي: تأثيرُ الشِّعرِ فيهم أسرَعُ وأوقَعُ وأشدُّ علَيهم مِن ضَرْبِ النِّبالِ أو القتلِ بها، والنَّبْلُ: السِّهامُ. وفي الحديثِ: الحَضُّ على مُجاهدةِ الكُفَّارِ والمنافقين بالكَلامِ، كما يُجاهَدون بالسِّهامِ .