الموسوعة الحديثية


- عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ : لمَّا أنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ ) وَ ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ) الآيةَ انطلقَ مَن كانَ عندَهُ يَتيمٌ فعزلَ طعامَهُ مِن طعامِهِ وشرابَهُ مِن شرابِهِ فجعلَ يَفضُلُ مِن طعامِهِ فَيحبِسُ لَه حتَّى يأكلَهُ أو يفسدَ فاشتدَّ ذلِكَ علَيهِم فذَكروا ذلِكَ لرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ ( وَيَسْألُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) فخلَطوا طعامَهم بطعامِهِ وشرابَهم بشرابِه
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2871 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه أبو داود (2871) واللفظ له، والنسائي (3669) باختلاف يسير، وأحمد (3000) بنحوه
أمَرَ اللهُ أَوْلِيَاءَ اليَتِيمِ بِحِفْظِ أموالِهم والعَمَلِ فِيهَا بالخَيْرِ، وحذَّرَ مِن الأخْذِ مِن أموالِهم بدون وجهِ حَقٍّ، وفي ذَلِكَ يقولُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما: "لَمَّا أنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152]"، أي: إِلَّا بِمَا هُوَ أفضلُ وأحفَظُ لِمَالِ اليَتِيمِ، وكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: "{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]"، أي: يَأْخُذونَها بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمْ مِن الوَعِيدِ ما فِي قولِه تَعَالَى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10].
قال ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "انْطَلَقَ كلُّ مَن كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ"، أي: مَن كَانَ وَصِيًّا على يَتِيمٍ لَهُ مالٌ "فعَزَل طعامَه مِن طعامِه وشَرابَه مِن شرابِه"، أي: عزَلُوا أموالَهم وطَعامَهم عن أموالِ وطعامِ اليَتامَى بَعدَمَا كَانُوا يَخلِطُونَ بعضَها بِبَعضٍ، "فجَعَل يَفْضُلُ مِن طَعامِه"، أي: يَبْقَى مِن طعامِ اليَتِيمِ "فيُحبَسُ لَهُ"، أي: يَمتَنِعُ الأَوصِيَاءُ عن الاقتِرابِ مِن أكلِه "حَتَّى يَأكُلَه أو يَفسُدَ"، أي: حَتَّى يَأتِيَ اليَتِيمُ فيأكُلَ طعامَه، أو يَغِيبَ عَنهُ فيَفسُدَ، "فاشتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِم"، أي: صَعُب عَلَيْهِم أمرُ العَزلِ وَمَا فِيهِ مِن فَسادٍ للأموالِ دُونَ أن يَنتَفِعَ بِهَا أحدٌ، "فذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم، فأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220]"، أي: يسألونَك عَمَّا لِليتامَى مِن حُقوقٍ، {قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ}، أي: في أموالِهم بتَنميتِها ومُداخلتِكم لهم {خَيْرٌ}، أي: مِن ترْكِ عدمِ الخُلطةِ، وإن كَانَ مِن طعامٍ وشَرابٍ فرَخَّصَ لَكُم اللهُ أن تُخالِطُوهم فِيهِ، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] أي: وإنَّ اللهَ تَعَالَى سَيَعْلَمُ مَن كَانَ يَعمَلُ فِي أموالِهم بِخَيْرٍ وعَدْلٍ، ومَن كَانَ يَعمَلُ بالإفسادِ فِيهَا ولا يَحْرِصُ لهم عليها، "فخَلَطُوا طعامَهم بِطَعامِهِ وشَرابَهم بِشَرابِهِ"، أي: فرَجَع الأَوصِيَاءُ يَخلِطُونَ أموالَهم بأموالِ اليَتَامَى تيسيرًا عَلَيْهِم، ولكنْ مَعَ تحرِّي مَصلَحَةِ اليَتامَى دونَ إهمالٍ أو إفَسادٍ.
وفي الحديثِ: الأمرُ بالسَّعيِ في أموالِ اليتيمِ بالإصلاحِ والإنماءِ، والنهيُ عن الإفسادِ في أموالِ اليَتامَى .