الموسوعة الحديثية


- أغْفَي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إغفاءةً ، فرفعَ رأسَه مُتَبَسِّمًا فإما قال لهم ، وإما قالوا له: يا رسولَ اللهِ لم ضحكتَ ؟ فقال: إنه أُنزِلَت عليَّ آنفًا سورةٌ فقرأَ بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا أعطيناك الكوثرَ حتى ختمَها فلما قرأها قال: هل تدرُون ما الكوثرُ ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ قال: فإنه نهرٌ وعدنِيه ربِّي عز وجل في الجنةِ ، وعليه خيرٌ كثيرٌ ، عليه حوضٌ ترِدُ عليه أمتِي يومَ القيامةِ ، آنِيَتُه عددُ الكواكبِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4747 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه مسلم (400)، وأبو داود (4747) واللفظ له، وأحمد (12015).
خصَّ اللهُ عزَّ وجلَّ نبِيَّه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بحوضٍ يَسقي مِنه مَن تبِعَه مِن أُمَّتِه يومَ القيامةِ سَعتُه مَسيرةُ شَهر؛ تكريمًا وتشريفًا وتفضيلًا لنبيِّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وأُمَّتِه، وهذا الحوضُ ماؤُه أبيضُ مِن اللَّبنِ، ورِيحُه أطيبُ مِن المِسكِ، وكيزانُه كنُجومِ السَّماءِ، مَن شربَ مِنها فلا يَظْمأُ أبدًا.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنْه: "أغْفَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إغْفاءةً"، أي: نامَ نوْمةً خَفِيفةً،"فرفعَ رأسَهُ مُتبسِّمًا؛ فإمَّا قالَ لهم"، أي: عن سَببِ تبسُّمِه، "وإمَّا قالوا له: يا رَسولَ اللهِ، لِمَ ضَحِكتَ؟"، أي: ما سببُ ضحِككَ؟ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إنَّه أُنزِلَتْ عليَّ آنِفًا"، أي: قَرِيبًا "سورةٌ، فقرأَ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}[الكوثر: 1-3]، أي: فإنَّ مُبغِضَك وكارِهَك هوَ الأبتَرُ المنقطِعُ عَقِبُه وولدُه، وقيلَ: المنقطِعُ عَنه كلُّ خَيرٍ.
فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لَمَّا خَتمَ السُّورةَ: "هل تَدرونَ ما الكَوثرُ؟" قالَ مَن مَعه مِن الصَّحابةِ رضيَ الله عَنهم: "اللهُ ورَسولُه أعلمُ" فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "فإنَّه نَهرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي عزَّ وجلَّ في الجنَّةِ"، أي: أعطاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وفضَّله بهِ، ووعْدُ اللهِ حقٌّ وواقعٌ لا محالةَ.
ومِن صِفة هذا النَّهرِ أنَّه: "عليهِ خيرٌ كثيرٌ"، أي: للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ولأُمَّتِه، "عليهِ حَوضٌ ترِدُ عليهِ أُمَّتي يومَ القيامةِ"، أي: للذينَ اتَّبعوهُ مِنهم؛ لِيشرَبوا منه، "آنِيتُه عددُ الكواكبِ"، وهو مِثالٌ للكَثرةِ، والآنِيةُ هيَ الأكوابُ وما يُعدُّ من أدواتِ الشُّربِ على نهرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وفي روايةٍ: "حَوْضي مَسيرةُ شَهرٍ، ماؤُه أبيضُ مِن اللَّبنِ، ورِيحُه أطيبُ مِن المسْكِ، وكِيزانُه كنُجومِ السَّماءِ، مَن شَرِبَ مِنها فلا يظمأُ أبدًا".
وفي الحديثِ: إثباتُ وُجودِ نَهرِ الكَوثرِ والحوضِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في الآخرةِ، وبيان عَظمتِه واتِّساعِه.
وفيه: بيانُ مَنزلةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وقدرِه عندَ ربِّه وتَشريفِه لَه.