الموسوعة الحديثية


- [عَن] الحَكَمِ بنِ حَزْنٍ الكُلَفيُّ قالَ : وفدتُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سابعَ سبعةٍ - أو تاسعَ تسعةٍ - فدخَلنا عليهِ، فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ، زُرناكَ فادعُ اللَّهَ لَنا بِخَيرٍ، فأمرَ بنا، أو أمرَ لَنا بشَيءٍ منَ التَّمرِ، والشَّأنُ إذ ذاكَ دونٌ، فأقَمنا بِها أيَّامًا شَهِدنا فيها الجمعةَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقامَ متوَكِّئًا على عَصًا، أو قوسٍ، فحمِدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ، كلماتٍ خفيفاتٍ طيِّباتٍ مبارَكاتٍ، ثمَّ قالَ: أيُّها النَّاسُ، إنَّكم لَن تُطيقوا - أو لَن تفعَلوا - كلَّ ما أمرتُمْ بِهِ، ولَكِن سدِّدوا، وأبشِروا
الراوي : شعيب بن زريق | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1096 | خلاصة حكم المحدث : حسن
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخْطُبُ النَّاسَ يومَ الجُمُعَةِ، ويُذكِّرُهُمْ باللهِ تعالى، ويَعِظُهُمْ بكلماتٍ خفيفاتٍ واضحاتٍ جامِعاتٍ، فمِنَ السُّنَّةِ ألَّا يُطيلَ الإمامُ في الخُطْبةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الحَكَمُ بنُ حَزْنٍ الكُلَفيُّ: "وَفَدتُ"، أي: ذَهَبْتُ وافِدًا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "سابِعَ سَبْعةٍ"، أي: في سَبْعةٍ أنا سابِعُهُم، "أو تاسِعَ تِسْعةٍ"، أي: في تِسْعةٍ أنا تاسِعُهُم، والشَّكُّ مِنَ الرَّاوي، "فدَخَلْنا عليه"، أي: على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فقلنا: يا رسولَ اللهِ، زُرْناكَ"، أي: أتَيناكَ زائِرينَ، وللزَّائرِ حقٌّ، "فادْعُ اللهَ لنا بخيرٍ، فأَمَرَ بنا، أو أَمَرَ لنا" الشَّكُّ مِنَ الراوي، أي: أَمَرَ بَعْضَ خَدَمِه أو غَيرِهم مِنَ الصَّحابةِ، "بشيءٍ"، أي: بقَليلٍ مِنَ التَّمْرِ، "والشَّأنُ"، أي: والحالُ، "إذ ذاك"، أي: في ذاك الزَّمانِ، "دُونٌ"، أي: ضعيفةٌ مِنَ الفَقْرٍ وشِدَّةِ المعيشَةِ، وهذا اعْتِذارٌ مِنْ قِلَّةِ التَّمْرِ.
قال: "فأَقَمْنا بها"، أي: بالمدينةِ، "أيَّامًا شَهِدْنا"، أي: حَضَرْنا، "فيها"، أي: في هذه الأيَّامِ "الجُمُعَةَ"، أي: صَلاتَها وخُطْبتَها "مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقام" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "مُتوكِّئًا على عَصًا"، أي: مُتحامِلًا ومُعْتمِدًا عليها، "أو قوسٍ" الشَّكُّ مِنَ الرَّاوي، "فحَمِدَ اللهَ وأَثْنى عليه" بما هو أَهْلُه، "كلماتٍ"، أي: أَثْنى عليه بكلماتٍ أو خَطَبَ بكلماتٍ، "خفيفاتٍ طيِّباتٍ مُبارَكاتٍ"، أي: مُشْتَمِلةٍ على كلماتٍ خفيفةٍ واضحةٍ جليَّةٍ جامِعةٍ، "ثم قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خُطبتِهِ: "أيُّها النَّاسُ، إنَّكُمْ لنْ تُطيقوا، أو لَنْ تَفْعَلوا"- الشَّكُّ مِنَ الرَّاوي- "كُلَّ ما أُمِرتُمْ به"، أي: ليس لكم طاقةٌ أنْ تُؤَدُّوا جميعَ ما أُمِرْتُم به، "ولكن سَدِّدوا"، أي: اطْلُبوا بأعمالِكُمُ السَّدادَ والقَصْدَ في الأمرِ والعَدْلِ فيه، "وأَبْشِروا"، أي: أَبْشِروا بالثَّوابِ على العملِ وإنْ قَلَّ.
وفي الحَديثِ: تَبشيرُ النَّاسِ بالخيرِ، والبُعْدُ عَنْ إشعارِهِم باليَأسِ.
وفيه: أهمِّيَّةُ المداومةِ على الأعمالِ الصَّالِحةِ وإنْ قلَّتْ.