الموسوعة الحديثية


- قدِمتُ الرَّقَّةَ فقالَ لي بعضُ أصحابي هل لَكَ في رجلٍ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ قلتُ غُنَيمةٌ فدفَعنا إلى وابصةَ قلتُ لصاحبي نبدأُ فننظرُ إلى دلِّهِ فإذا علَيهِ قلنسوةٌ لاطئةٌ ذاتُ أذنينِ وبرنسُ خَزٍّ أغبرُ وإذا هوَ معتمدٌ على عصًا في صلاتِهِ فقلنا بعدَ أن سلَّمنا فقالَ حدَّثتني أمُّ قيسٍ بِنتُ مِحصنٍ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ لمَّا أسنَّ وحملَ اللَّحمَ اتَّخذَ عمودًا في مصلَّاهُ يعتَمدُ علَيهِ
الراوي : أم قيس بنت محصن | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 948 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَعْبَدَ النَّاسِ لربِّهِ؛ فكان يقومُ اللَّيلَ حتَّى تتورَّمَ قَدَماهُ شاكرًا لربِّهِ خاشعًا له، وظَلَّ عابِدًا لربِّه حتَّى أتاه اليقينُ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ التابعيُّ هِلالُ بنُ يِسافٍ: "قَدِمتُ الرَّقَّةَ"، وهي بَلدةٌ مَشْهورةٌ على طَرَفِ الفُراتِ، فقال لي "بعضُ أَصْحابي" وهو زيادُ بنُ أبي الجَعْدِ: "هل لكَ" رَغْبةٌ، "في" لقاءِ "رَجُلٍ مِنْ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قال" هِلالُ بنُ يِسافٍ: "قلتُ": لِقاؤُه "غَنيمةٌ" أي: غايةٌ عُظمَى ومكسبٌ كبيرٌ، "فدَفَعَنا"، أي: ذَهَبَ بنا، إلى "وابِصةَ" ابنِ مَعْبَدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، "قلتُ لِصَاحِبي: نبدَأُ فنَنظُرُ إلى دَلِّهِ"، أي: هَدْيه وسَمْتِه وحالِه مِنَ السَّكينةِ والوَقارِ وحُسْنِ السِّيرةِ والهيئةِ، "فإذا عليه قَلَنْسُوَةٌ"، أي: لَمَّا دخلوا عليه رأوه يَلْبَسُ قَلَنْسوةً، وهي غِطاءٌ للرَّأسِ مُختلِفُ الأنواعِ والأشكالِ، "لاطئةٌ، ذاتُ أُذُنينِ"، أي: لاصِقةٌ بالرَّأسِ وصِفَتُها أنَّها ذاتُ أُذُنينِ، "وبُرْنُسٌ"، وهو كُلُّ ثوبٍ رأسُه مِنه، "خَزٌّ"، أي: مِنَ الخَزِّ، وهو ما خُلِطَ مِنَ الحريرِ والوَبَرِ، "أَغْبَرُ"، أي: لونُه على لونِ الغُبارِ، "وإذا هو مُعْتَمِدٌ على عصًا"، أي: مُتحامِلٌ ومُتَّكِئٌ على عَصًا في صَلاتِه، "فقُلْنا"، أي: تَكلَّمْنا في أمْرِ الاعْتِمادِ على العصا في الصَّلاةِ وسأَلْناه، وذلك "بَعْدَ أنْ سَلَّمْنا"، أي: بَعْدَ أنْ رَدَدْنا عليه السَّلامَ، وكان فَرَغَ مِنْ صلاتِه.
"فقال" وابِصةُ: "حدَّثَتْني أمُّ قيسٍ بنتُ مِحْصَنٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "لَمَّا أَسَنَّ"، أي: صار كبيرَ السِّنِّ، "وحَمَلَ اللَّحْمَ"، أي: كَثُرَ لَحْمُه، "اتَّخَذَ عَمودًا في مُصلَّاهُ يَعْتمِدُ عليه"، أي: عَمودًا يتَّكِئُ عليه في مُصلَّاهُ الَّذي يُصلِّي فيه؛ لأنَّهُ كان يُطيلُ القراءةَ في صلاةِ اللَّيلِ.
وفي الحَديثِ: حِرْصُ التَّابعينِ على لِقاءِ الصَّحابةِ للتَّعلُّمِ مِنهم هَدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.